آخرون: يصوم بتوقيت مكة المكرمة لأنها أول عاصمة للإسلام والمسلمين وأنها أول مدينة هبط فيها الوحي وإليها يستقبل المسلمون في صلاتهم وذبائحهم، وقال آخرون: يكون صيامه بتوقيت أقرب بلد إسلامي إلى البلد الذي لا تغرب عنه الشمس مدة شهور والذي يري المسلم أن يصوم فيه، وقال آخرون: يقدر اليوم والليل بأربعة وعشرين ساعة ويقسم الأربعة والعشرين ساعة نصفين النصف الأول يجعله نهاراً وذلك (اثنا عشر) ساعة فقط وفيه يصوم، والنصف الثاني يجعله ليلاً وفيه يفطر، والراجح عندي: هو أن يجعل المسلم توقيته بحسب التوقيت المحلي لأقرب بلد إسلامي من البلد الذي يعيش فيه، وإنما رجحت هذا القول على باقي الأقوال الأخرى لأني قسته على أقرب الأيام من اليوم الذي أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه سيطول وأنه سيكون مثل سنة فقد جاء في حديث النواس ابن سمعان عن النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي أخرجه مسلم في صحيحة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تكلم عن فتنة المسيح الدجال وأنه سيأتي (يوم من أيامه مثل سنة فقال الصحابة هذا اليوم الذي مثل سنة هل يصوم له يوم أم صيام سنة كيف نقدر على ذلك فقال أقدروا له)(١) أي قدروا أوقات هذا اليوم مثل اليوم الذي قبله فقست القطر القريب الإسلامي من القطب الشمالي على اليوم القريب من ذلك اليوم الكبير فالأصل هو ذلك اليوم الذي قبل اليوم الكبير والفرع ذلك البلد المجاور للقطب والعلة هي القرب والحكم تقدير اليوم لمن كان في القطب الشمالي بأوقات الفطر الإسلامي القريب منه قياساً على تقدير اليوم الكبير الذي سيأتي من أيام الدجال أو قبل يوم القيامة باليوم الذي قبله بجامع كون كل واحد ظرفاً إلا أن أحدهما ظرف زمان وهو الأصل، والآخر ظرف مكان وهو الفرع.
كيفية الصيام في البلدان التي النهار فيها قصير جداً
س: هل صحيح أن هناك بلد يصوم الناس فيه ساعة فقط في اليوم؟
جـ: إذا كان هناك بلد يكون اليوم فيه ساعة أو ساعتين أو ثلاث أو أكثر في بعض الفصول أوبلد يكون اليوم فيه عشرين ساعة مثل (البرتغال) وغيرها فالصيام الشرعي فيه يكون من طلوع الفجر إلى غروب الشمس سواءً كان اليوم ساعة أو ساعتين أو أكثر، وهذا غير مشكل لأن العبرة في الصيام بطلوع الفجر وغروب الشمس، والمشكل أن في ما كان يسمى (لإتحاد السوفيتي) بلداً يستمر النهار فيه خمسة أيام، وفي مدينة اسمها (لنجراد) بعض العلماء قالوا عليهم أن يوقتوا للنهار بحسب توقيت أقرب بلاد إسلامية لهم، فيُقسم الوقت بحسب أقرب بلاد إليهم ويعاملون معاملة أهل أقرب بلدة إليهم، فيجعلوا مثلاً اثنا عشر ساعة نهاراً يصومون فيها، وتقسم ساعات لليل بحسبه، وبعض العلماء قالوا: يعاملون بحسب توقيت مكة لكونها أم القرى وفي وسط الأرض، وبعض العلماء قالوا: لا يجب عليهم صيام لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:(صُوموا لِرُؤْيتهِ وأفطِروا لرُؤيته، فإن غُبِّيّ عليكم فأكملوا عِدَّةَ شَعبانَ ثلاثين) قال: وهؤلاء لم يروا الهلال فلا يجب عليهم الصيام، وهذا رأي ضعيف جداً.
حكم من أفطر عمداً في نهار رمضان
س: ما حكم من أفطر رمضان عمداً؟
(١) ـ صحيح مسلم: عن النواس بن سمعان قال: ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الدجال ذات غداة فخفض فيه ورفع حتى ظنناه في طائفة النخل فلما رحنا إليه عرف ذلك فينا، فقال: ما شأنكم؟ قلنا يا رسول الله ذكرت الدجال غداة فخفضت فيه ورفعت حتى ظنناه في طائفة النخل، الدجال أخوفني عليكم إن يخرج فأنا حجيجه دونكم وإن يخرج فامرؤ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم، إنه شاب قطط عينه طافئة كأني أشبهه بعبد العزي بن قطن فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح الكهف إنه خارج خلة بين الشام والعراق فعاث يمينا وعاث شمالا يا عباد الله فأثبتوا، قلنا يا رسول الله وما لبثه في الأرض قال أربعون يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم، قلنا يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم قال: لا اقدروا له قدره).