للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصغار، أمَّا في اليمن فمذهب الهادي يشترط لوقوع الطلاق تخلل المراجعة منذ أكثر من ألف سنة، وكان الطلاق في أيام النبي صلى الله عليه وآله وسلم وخلافة أبي بكر وسنتين من خلافة عمر أن الثلاث الطلقات تحسب طلقة واحدة. ثم اجتهد عمر فجعل الثلاث التطليقات ثلاثاً زجراً للناس عنه كما في حديث (كَانَ الطَّلَاقُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَسَنَتَيْنِ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ طَلَاقُ الثَّلَاثِ وَاحِدَةً، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ اسْتَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ قَدْ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ فَلَوْ أَمْضَيْنَاهُ عَلَيْهِمْ فَأَمْضَاهُ عَلَيْهِمْ) فقال فقهاء المذاهب أن الصحابة أجمعوا على إجتهاد عمر رضي الله عنه، وقال الهادي وابن تيمية والشوكاني والأمير ومن وافقه، إنَّ الصحابة في أيام عمر رضي الله عنه كانوا قد تفرقوا في الأمصار وإن الإجماع لم يتم، فنازعوا في دعوى الإجماع.

[صور الطلاق البائن بينونة صغرى]

س: ما هو الطلاق البائن بينونة صغرى؟

جـ: يكون في ثلاث صور هي:

إذا طلق الرجل زوجته ولم يراجعها حتى انقضت العدة فبانقضاء العدة تبين منه بينونة صغرى.

إذا طُلقت المرأة لمقابل عوض وهو الخلع، فإنها تبين من الزوج بينونة صغرى ولا يحق له أن يراجعها لا في العدة ولا بعد انقضاء العدة.

إذا طلق الزوج الزوجة قبل الدخول بها لقوله تعالى {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} (١) فإن أراد الزوج أن يراجعها فلا يحق له الا بمهر جديد وعقد جديد إن كانت راضية والا فقد أصبح خاطباً من الخطاب.

[لا يقع الطلاق بصيغة التسويف]

س: من قال: سأطلقك، هل يكون طلاقاً؟

جـ: الطلاق لا يكون إلا بصيغة الفعل الماضي أو الإنشاء أو بالنداء بأن يقول لها يا طالق، أما إن قال سأطلقك أو عزم على الطلاق ولم يتلفظ به فلا يقع طلاقاً.

[عدم وقوع الطلاق بالعزم على الطلاق من دون تلفظ بالطلاق]

س: رجل مغترب بلغه أن زوجته أخذت شيئاً من ماله فنوى في نفسه إن كان تصرفها خاطئا ليطلقها ولما تبين من الأمر اتضح أن تصرفها صحيح، فهل وقع عليه الطلاق أم تلزمه الكفارة؟

جـ: اعلم أنه إن صح بأنه لم ينطق بطلاق وإنما عزم عليه فلا تحسب عليه طلقه ولا تحسب عليه كفارة لأن الأصل هو عدم الطلاق وعدم وجوب الكفارة حتى يرد دليل على ذلك ولم يرد دليل على ذلك بل دل الدليل على عدم وقوع الطلاق وعدم وجوب الكفارة وهو الحديث الصحيح المصرح بلفظ (إِنَّ اللَّه تَجَاوَزَعَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ، وَمَااسْتُكْرِهُواعَلَيْهِ) (٢).


(١) الأحزاب: آية (٤٩).
(٢) - سنن ابن ماجة: كتاب الطلاق: باب طلاق المكره والناسي. حديث رقم (١٦٧٥) بلفظ (عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الخطأ، وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ) صححه الألباني في صحيح ابن ماجة بنفس الرقم.
انفرد به ابن ماجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>