للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب الثالث: القصص التاريخي]

ذو القرنين كان ملكاً صالحاً وليس بنبي

س: هل كان ذو القرنين نبياً أم ملكاً عادلاً؟

جـ: اعلم أنه لم يرد دليل صحيح يدل على أن ذا القرنين كان نبياً وبناءً على ذلك فلنبق على الأصل وهو القول بعدم نبوته، أما القول بأنه كان ملكاً عادلاً صالحاً فهو الأحوط عندي.

[عدم صحة قصة (عوج بن عنق)]

س: نرجو من العلماء الأفاضل أن يفتونا مشكورين في سيرة (عوج ابن عنق) ومع أيِّ نبي من الأنبياء كان وكيف كان حجمه ومعاملته لجيل عهده؟ وكم تعمر؟ لأنه مذكوراً في بعض الأحاديث النبوية ولم نجد له أيَّ سيرة أو ذكر في القرآن العظيم، فنطلب الإجابة ولكم الشكر؟

جـ: هذا (عوج بن عنق) أو (عوج بن عوق) قد ذكره بعض علماء اللغة ووصف بعض صفاته وصفاً مختصراً ومجملاً، أما علماء القصص الذين أرخو لعصر ما قبل الإسلام مثل مؤلف كتاب (نفائس العرائس) ومؤلف كتاب (بدائع الزهور) وغيرها فقد ذكروا بعض أوصافه بصفة مطوله وخيالية وتكلموا عن العصور التي عاش فيها كلاماً يمجه السمع، ويخالف نص القرآن والسنة النبوية المطهرة على صاحبها وعلى آله أفضل الصلاة والسلام، ومع الأسف الشديد أن بعض المفسرين قد قلدوا القصصين فذكروا تلكم الأوصاف الخيالية التي وضعها القصاص في تفاسيرهم للقرآن الكريم، وذلك مثل الكرماني وغيره من المفسرين الذين ذكروا قصة (عوج بن عنق أو عوج بن عوق) عن ابن عباس -رضي الله عنه-، ومثل ابن المنذر والثعلبي والقرطبي الذين ذكروا قصته عن ابن عمر -رضي الله عنه-، وهكذا ذكرها من المفسرين أيضا البغوي والخازن وابن عطية وغيرهم كما ذكر بعض صفاته الشيخ (ابن حبان) أحد المحدثين المشهورين في كتاب (العظمة) بسند إلى التابعي (وهب ابن منبه) رحمه الله، وكلها من الإسرائيليات التي أدخلها بعض من أسلم من أهل الكتاب وروجها من جاء بعدهم وأغتر بها الكثير من العامة والقليل من المؤلفين، وقد قيل إنه من بقية قبائل عاد، وقيل من العمالقة، كما قالوا: عن طوله أنه كان ثلاثة آلاف ذراع وثلاثمائة ذراع وثلاثة وثلاثين ذراعاً وثلث ذراع، وقيل ثمانمائة ذراع وأن عرضه أربعمائة ذراع، كما قالوا عن عمره أنه تعمر ثلاثة آلاف سنة وستمائة سنه، كما قالوا أن أمه إحدى بنات سيدنا آدم وأنه عاش إلى أيام نوح عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ثم عاش بعد الطوفان إلى أيام موسى بن عمران عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، علماً أن بين بنت آدم عليه السلام وبين موسى بن عمران آلاف الأعوام، وبناءً على أن الشيخ (ابن حبان) قد ذكر هذه القصة عن وهب وأسندها فقد تبرى من العهدة بذكره لسندها، ولكن حيث ذكر أن في سندها (عبد المنعم ابن إدريس عن أبيه عن وهب رحمه الله) فهي قصة باطله غير صالحه للاحتجاج على فرض أنها مرفوعة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكيف وهي من قول وهب ابن منبه الذي كان يروي الإسرائيليات عن أهل الكتاب، كما بينه حفاظ السنة النبوية المطهرة على صاحبها وعلى آله أفضل الصلاة والسلام، وقد اختلف أهل اللغة في اسمه وفي اسم والده على قولين:

فقيل: إن اسمه عوج وقيل اسمه عوق، كما قيل في اسم والده انه عنق وقيل (عوق) قال المجد في القاموس في مادة (عوج) (وعوج بن عوق) بضمهما رجل ولد في منزل آدم فعاش إلى زمن موسى وذكر من عظيم خلقه قال في تاج العروس هذا هو الصواب لا كما اشتهر أنه ابن عنق، كما سيأتي للمصنف (أي صاحب

<<  <  ج: ص:  >  >>