للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى) (١).

[آراء العلماء في اشتراط الدلك في الغسل]

س: هل المراد بالغسل صب الماء فقط أم لا بُدَّ فيه من الدلك؟

جـ: بعض العلماء قال لا بُدَّ في الغسل من الدَّلك لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- حينما وصف غسله ذكر أنه كان يدلك جسده، وقال آخرون أنه يكفي في الغسل الصب ولا يشترط الدَّلك لأن العرب تقول (غسله العرق) مع أن العرق ليس فيه دلك، وقد ذهب السيد (محمد بن إسماعيل الأمير) مؤلف كتاب (سبل السلام) إلى أنَّه لا يشترط الدلك، وذهب القاضي (محمد بن علي الشوكاني) إلى أنَّه يشترط في الغسل الدَّلك لأنه ورد في حديث الطفل (فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَغْسِلْه) (٢) فقول الراوي ولم يغسله دليل على أن الغسل زائد على الرش أو النضح وفي رواية (يُنْضَحُ بَوْلُ الْغُلَامِ وَيُغْسَلُ بَوْلُ الْجَارِيَةِ) (٣) هذا دليل على أن الغسل زائد على الرش أو الصب وهو دليل الشوكاني، ودليل الأمير أن العرب تقول (غسله العرق) لكن ما ورد في القرآن الظاهر أنه يدل على الدَّلك في قوله تعالى {فَاطَّهَّرُوا} (٤) أي فأكثروا من التطهير لأنه جاء بصيغة (التفعيل) وهي صيغة مبالغة فهو يدل على الدّلك ولأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يدلك جسده الشريف ولقوله -صلى الله عليه وسلم- (وَلَمْ يَغْسِلْه) وهذا هو الظاهر.

س: هل طهارة البدن والثوب من الحدث الأكبر صحيحة بالماء فقط دون استعمال الصابون أو أنه يجب استعمال الصابون؟

جـ: الطهارة من الحدث الأكبر لا يشترط فيها أنْ يكون الغسل فيها بالماء مع الصابون بل يكفي الماء وحده لأَّن هذه النجاسة ليست حسية بل هي نجاسة معنوية حكمية لا لزوم فيها لاستعمال الصابون بل يكفي فيها الماء وحده، والأحاديث التي حكت كيفية غسل النبي -صلى الله عليه وسلم- من الحدث الأكبر لم تذكر الصابون.


(١) - صحيح البخاري: كتاب بدء الوحي: باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله. حديث رقم (١) بلفظ (أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ).
أخرجه مسلم في الإمارة، والترمذي في فضائل الجهاد، والنسائي في الطهارة، وأبو داود في الطلاق، وابن ماجة في الزهد، وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة.
معاني الألفاظ: النية: القصد وعزم القلب على الفعل. … يصيب: ينال، والمراد: تحصيل أسباب العيش.
(٢) - صحيح البخاري: كتاب الوضوء: باب بول الصبيان. حديث رقم (٢١٦) بلفظ (عَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ، أَنَّهَا أَتَتْ بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَجْلَسَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجْرِهِ، فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ)
أخرجه مسلم في الطهارة، والترمذي في الطهارة، والنسائي في الطهارة، وأبوداود في الطهارة، وابن ماجه في الطهارة وسننها، وأحمد في باقي مسند الأنصار، والدارمي في الطهارة.
أطراف الحديث: الطب.
(٣) - سنن الترمذي: كتاب الجمعة عن رسول الله: باب ما ذكر في بول الغلام والرضيع. حديث رقم (٥٥٥) بلفظ (عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فِي بَوْلِ الْغُلَامِ الرَّضِيعِ يُنْضَحُ بَوْلُ الْغُلَامِ وَيُغْسَلُ بَوْلُ الْجَارِيَةِ، قَالَ قَتَادَةُ وَهَذَا مَا لَمْ يَطْعَمَا فَإِذَا طَعِمَا غُسِلَا جَمِيعًا). صححه الألباني في صحيح الترمذي برقم (٦١٠)
أخرجه أبو داود في، وابن ماجة في الطهارة وسننها.
معاني الألفاظ: النضح: البل بالماء والرش. … الجارية: الطفلة حديثه الولادة.
(٤) - المائدة: آية (٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>