للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أهل بدر فقال: اعملوا ما شِئتم فقد وَجَبَتْ لكُم الجنة أو فقد غَفَرتُ لكم، فدمعَت عَينا عمر وقال: اللَّهُ ورسولهُ أعلم) (١) والمختلس لم يرد في قتله حديث.

وجوب قيام حدِّ المحارب على من يتقطع وينتهب الأموال سواء في المدن أو خارج المدن

س: هل لا بد لتسمية المتقطعين مفسدين أن تكون الطريق في الصحراء أم أنه يصدق عليهم أنهم مفسدون حتى لو تقطعوا في شوارع المدن أو بدخول البيوت؟

جـ: مذهب الهادوية: أن الإفساد لا يكون إلا خارج المصر ولا يقام حد المحارب على من يتقطع ويخيف الناس في المدن، والذي ذهب إليه جماعة من العلماء وهو مذهب الشوكاني واختيار الإمام (يحيى بن محمد بن حميد الدين) أن حد المحارب يقام على من يفسد فيقتل أو ينتهب البيوت في المدن الرئيسية، والصحيح أنه لا فرق بين من يتقطع ويقتل وينتهب المال في الطرقات خارج المصر أو داخل المصر ولا يلزم من قصة العرنيين الذين ساقوا إبل بيت مال المسلمين أيام النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها كانت خارج المدينة أن حد المحارب لا يطبق ولا يجري إلا إذا كان الإفساد خارج المصر لأن الآية عامة تعم كل محارب، ولفظ حديث العرنيين هو (قَدِمَ أُنَاسٌ مِنْ عُكْلٍ أَوْ عُرَيْنَةَ فَاجْتَوَوْا الْمَدِينَةَ فَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلِقَاحٍ وَأَنْ يَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا، فَانْطَلَقُوا فَلَمَّا صَحُّوا قَتَلُوا رَاعِيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ) (٢)، وقد قال علماء أصول الفقه: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ويجب العمل بالعموم ولا ينظر إلى السبب الخاص فقوله تعالى {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} فمن صدق عليه أنه محارب يجرى عليه حد المحارب مطلقاً سواءً كان في المصر أو خارج المصر لعموم اللفظ الشامل لكل محارب سواءً كان خارج المصر


(١) - صحيح البخاري: كتاب المغازي: باب فضل من شهد بدرا. حديث رقم (٣٨٩٥) بلفظ (عن عليٍّ رضيَ اللَّهُ عنه قال: بَعَثني رسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وأبا مَرْثَدٍ الغَنَويَّ والزبير، وكلُّنا فارسٌ، ـقال: انطلِقوا حتى تأتوا رَوضةَ خاخ فإن بها امرأةً منَ المشركين معها كتابٌ من حاطِبِ بن أبي بِلْتعةَ إلى المشركين، فأدركناها تَسيرُ على بَعير لها حيثُ قال رسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فقلنا: الكتاب فقالت: ما معنا كتاب، فأنخناها، فالتمسْنا فلم نَرَ كتاباً، فقلنا: ما كذبَ رسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، لتخرجِنَّ الكتابَ أو لنجرّدنَّكِ، فلما رأتِ الجدَّ أهْوَت إلى حُجْزَتهاـ، وهي محتجِزةٌ بكِساء، فأخرجَتهْ، فانطلَقنا بها إلى رسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فقال عمر: يا رسولَ اللَّهِ، قد خانَ اللَّه ورسولَه والمؤمنين، فدَعني فلأضرِب عنقَه، فقال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: ما حَمَلَك على ما صنعتَ؟ قال حاطب: والَّلهِ ما بي أن لا أكونَ مؤمناً باللَّه ورسولهِ -صلى الله عليه وسلم-، أردتُ أن يكونَ لي عندَ القوم يدٌ يَدفَعُ اللَّهُ بها عن أهلي ومالي، وليس أحدٌ من أصحابِكَ إلاَّ لهُ هناكَ من عَشيرتِه مَنْ يَدفَعُ اللَّهُ بهِ عن أهلهِ وماله، فقال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: صَدقَ، ولا تَقولوا لهُ إلا خيراً، فقال عمرُ: إنهُ قد خانَ اللَّهَ ورسولَه والمؤمنين، فدَعني فلأضرِبْ عُنُقَه، فقال: أليسَ من أهل بَدر؟ فقال: لعلَّ اللَّهَ اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شِئتم فقد وَجَبَتْ لكُم الجنة أو فقد غَفَرتُ لكم، فدمعَت عَينا عمر وقال: اللَّهُ ورسولهُ أعلم).
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، والترمذي في، وأبو داود في الجهاد، وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة.
(٢) - صحيح البخاري: كتاب الوضوء: حديث رقم (٢٢٦) بلفظ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَدِمَ أُنَاسٌ مِنْ عُكْلٍ أَوْ عُرَيْنَةَ فَاجْتَوَوْا الْمَدِينَةَ فَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلِقَاحٍ وَأَنْ يَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا، فَانْطَلَقُوا فَلَمَّا صَحُّوا قَتَلُوا رَاعِيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ فَجَاءَ الْخَبَرُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ، فَلَمَّا ارْتَفَعَ النَّهَارُ جِيءَ بِهِمْ فَأَمَرَ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسُمِرَتْ أَعْيُنُهُمْ وَأُلْقُوا فِي الْحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَلَا يُسْقَوْنَ قَالَ أَبُو قِلَابَةَ فَهَؤُلَاءِ سَرَقُوا وَقَتَلُوا وَكَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ).
أخرجه مسلم في القسامة والمحاربين والقصاص والديات، والترمذي في الطهارة عن رسول الله، اللباس عن رسول الله، الأطعمة عن رسول الله، والنسائي في الطهارة، تحريم الدم، أبو داود في الحدود، ابن ماجه في الحدود، الطب، أحمد في باقي مسند المكثرين.
أطراف الحديث: الزكاة، الجهاد والسير، المغازي، تفسير القرآن، الطب، الحدود، الديات.
معاني الألفاظ: اجتووا: أصابهم الجوى وهو داء البطن إذا تطاول. اللقحة: الناقة الحلوب والقريبة العهد بالولادة.
صحوا: شفوا وعادوا أصحاء. … سمرت أعينهم: كحل أعينهم بمسامير محمية على النار.

<<  <  ج: ص:  >  >>