سادساً: الكلام حول الحديث لا يدل على عدم اشتراط العمل في الإيمان حيث وقد دلت الأدلة الصحيحة على اشتراط العمل في صحة إيمان المؤمن، ولا يكفي الاعتقاد مع عدم العمل والله ولي الهداية والتوفيق.
س: هل حديث (من أعان على قتل مسلم بشطر كلمة لقي الله مكتوباً بين عينيه آيس من رحمة الله) صحيح أم ضعيف؟
جـ: اعلم أن هذا الحديث أخرجه (أحمد) و (ابن ماجة) و (العقيلي) وغيرهما من حديث أبي هريرة مرفوعاً وهو ليس صحيح ولا حسن بل هو ضعيف ضعفاً شديداً إن لم يكن موضوعاً، وقد قال عنه (أحمد) غير صحيح وقال عنه ابن حبان (موضوع) وأورده (ابن الجوزي) في (الموضوعات) وضعفه (السيوطي) في الجامع الصغير والعلامة (الألباني) في ضعيف الجامع الصغير، وإنما ضعفوه لأن في سنده (يزيد بن أبي زياد) قال عنه البخاري (منكر الحديث) و (تركه النسائي).
س: أفيدونا عن حديث منسوب إلى الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ونصه (من تعلم لسان قوم أمن مكرهم) فهل هو حديث صحيح أم أنه حديث ضعيف كما أفادنا أحد الأخوان جزيتم عنا خيراً؟
جـ: اعلم أن قولهم (من حفظ لسان قوم أمن مكرهم) أو (من تعلم لسان قوم أمن مكرهم) هو من الحكم العربية التي تحض الإنسان على أن يتعلم بعض اللغات الأجنبية زيادة في الكمال وليست هذه الجملة حديثاً نبوياً صحيحاً ولا حسناً ولا ضعيفاً ولم أجده في كتب السنة النبوية المطهرة على صاحبها وعلى آله أفضل الصلاة والسلام لا في الأمهات الست ولا في غيرها من المسندات والمعاجم والأجزاء بل لم أجدها في الكتب التي جمع مصنفوها فيها الأحاديث المشتهرة على ألسن الناس كـ (اللئالئ والمقاصد والدرر والتمييز وكشف الخفاء) وغيرها بل ولا في المؤلفات التي جمع فيها مصنفوها الأحاديث الموضوعة ليحذروا الناس من الاعتقاد بأنها من أحاديث سيد البشر صلى الله عليه وآله وسلم ولا ذكرها (ابن الجوزي) في موضوعاته ولا (السيوطي) ولا (ابن عراق) ولا (ابن طاهر الهندي) ولا (الشوكاني) ولا غيرهم ممن ألف في الموضوعات مرتباً تأليفه على الأبواب، وهكذا لم يذكره (ابن طاهر المقدسي) ولا (السنهوري) ولا (القاري) ولا (القاوقجي) ولا (الأزهري) ولا غيرهم ممن ألف في الموضوعات مرتباً لكتابه على الحروف الأبجدية، إنما الذي نص على أن هذه الكلمة ليست من الأحاديث الصحيحة هو الحافظ (محمد ناصر الدين الألباني) رحمه الله ونفع بعلومه ذكره استطراداً في المجلد الأول من الأحاديث الصحيحة ويغني عن هذا الحديث الذي لا أصل له في كتب السنة الحديث الصحيح المرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي أمر فيه (زيد بن ثابت) بأن يتعلم كتابة اليهود حيث قال له (تعلم كتاب اليهود فإني لا أمنهم على كتابنا) وهذا الحديث قد ذكره (الألباني) في أحاديثه الصحيحة من سلسلة الأحاديث، وقال رواه (أبو داود) و (الترمذي) و (الحاكم) وصححه و (أحمد) كلهم عن عبدالحميد بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجه بن زيد عن أبيه قال لما قدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتى بي إليه فقرأت عليه فقال لي فذكر الحديث، وقد ساق (الألباني) طرق هذا الحديث ثم قال وهذا الحديث في معنى الحديث المتداول على الألسنة (من تعلم لسان قوم أمن من مكرهم) ولكن لا أعلم له أصلاً بهذا اللفظ ولا ذكره أحد ممن ألف في الأحاديث المشتهرة على الألسنة فكأنه إنما اشتهر في الأزمنة الأخيرة، هكذا قال الحافظ (الألباني) فجزاه الله عن المسلمين خيراً، هذا وبالله التوفيق.
[س: أفيدونا عن قولهم (من حفظ لغة قوم أمن مكرهم)؟]
جـ: ليس بحديث صحيح مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يرد في كتب السنة لا بسند صحيح ولا حسن ولا ضعيف، ولكن ورد في كتب السنة ما يشهد له وهو أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (قد أمر زيد