للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (١) لأن أعداء الإسلام على اختلاف مذاهبهم واتجاهاتهم يحاولون القضاء على المسلمين بدون أن يفرقوا بين مذهب ومذهب أو طائفة وأخرى والكفر كما يقال ملة واحدة، قال سبحانه {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (٢) هذا والله نسأل أن يجمع شمل المسلمين ويلم شعثهم ويوحد كلمتهم إنه سميع مجيب وهو ولي الهداية والتوفيق.

س: هل يجب على الإنسان أن يتقيد ويلتزم بمذهب واحد فقط أفيدوني؟

جـ: إيجاب الالتزام بمذهب معين لا دليل عليه، ولا مانع من التقليد لأيِّ عالم من العلماء المجتهدين في أيِّ مسألة من المسائل الفقهية مالم يكن هناك تتبع للرخص من كل مذهب، فهذا لا يجوز ولا ينبغي، فمثلاً من سيعقد له عقد النكاح بلا شهود تقليداً للإمام مالك وبلا ولي تقليداً للإمام أبي حنيفة سيكون عقده هذا خارقاً للإجماع وذلك لكونه سيكون سراً بلا ولي ولا شهود وهذا حرام بالإجماع.

[النصوص الدالة على طلب العلم وفضله محصورة على طلب العلم الشرعي]

س: هل تنزل الآيات والأحاديث الواردة في فضل العلم وطلبه والأجر المترتب على ذلك على طلب العلم الدنيوي كالطب والهندسة والزراعة وغيرها، وهل قوله تعالى {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (٣) يدخل الذكر في هذه العلوم المذكورة؟

جـ: الظاهر أنه لا يدخل فيه ولافي قوله تعالى {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (٤) ولافي حديث (مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) (٥) ولا في حديث (مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ) (٦).


(١) آل عمران: آية (١٠٣)
(٢) البقرة: آية (٢١٧)
(٣) - النحل: آية (٤٣)
(٤) - المجادلة: آية (١١)
(٥) - سنن ابن ماجه: كتاب المقدمة: باب فضل العلماء والحث على طلب العلم. حديث رقم (١٨٣) بلفظ (عَنْ كَثِيرِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ أَتَيْتُكَ مِنْ الْمَدِينَةِ مَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَدِيثٍ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَدِّثُ بِهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ فَمَا جَاءَ بِكَ تِجَارَةٌ؟ قَالَ: لَا ? قَالَ: وَلَا جَاءَ بِكَ غَيْرُهُ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ حَتَّى الْحِيتَانِ فِي الْمَاءِ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، إِنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ) صححه الألباني في صحيح ابن ماجه بنفس الرقم.
أخرجه الترمذي في العلم.
معاني الألفاظ: الالتماس: القصد والطلب. وافر: تام وكامل.
(٦) - صحيح البخاري: كتاب العلم: باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين. حديث رقم (٦٩) بلفظ (عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ خَطِيبًا يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللَّهُ يُعْطِي، وَلَنْ تَزَالَ هَذِهِ الْأُمَّةُ قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ)
أخرجه مسلم في الإمارة، وابن ماجه في المقدمة، وأحمد في مسند الشاميين، ومالك في الجامع، والدارمي في المقدمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>