للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جـ: اعلم بأن ما جاء في الاستفتاء حرام حرام حرام لا يجوز لأحد السكوت عنه فضلاً عن الحضور عند حفلة الزار التي هي من أشر البدع التي قد نهى عنها العلماء في مؤلفاتهم ومنهم العلامة البيحاني في كتاب (أستاذ المرأة) والشيخ محفوظ رحمه الله في كتابه القيم (الإبداع في مضار الابتداع) وغيرهما من العلماء، وكيف لا تكون هذه الأفعال محرمة وقد جمعت اللهو بالمزمار المحرم ثم باختلاط الرجال بالنساء حال الرقص ثم بالذبح لغير الله الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (لَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ) (١) وما ذبح للشيطان أو لأيِّ شيء مما يصدق عليه أنه أهل لغير الله به فلا ينبغي أكله، وعلى السائل وغيره من الشباب الأتقياء الحاذقين العارفين بأن هذه الأشياء من المحرمات عليهم نشر الوعي بين العامة وتعريفهم بأن هذه الأعمال مخالفة للشرع والعقل، وعليهم أن يقرأوا كتاب الشيخ محفوظ وكتاب الشيخ البيحاني وغيرها من الكتب النافعة بين الخاص والعام، وكم قد سبق أن تكلمت بمثل هذا الكلام في هذا البرنامج وفي غيره ولكن أكثر الناس لا يعقلون وعن نشر الوعي الديني يتغاضون ويتجاهلون وما الله بغافل عما يعملون {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} (٢).

[تحريم تصديق القصص الخرافية]

س: ما قول علمائنا الأفاضل فيما حكى الصوفيون من قصص عن الأولياء وخصوصاً عن رجل يدعي (ابن عمر) الملقب براكب النسر، وأنه لما أراد أن يؤدي فريضة الحج انتظر حتى أتى اليوم التاسع من شهر ذي الحجة وحضر له هذا الطائر وركب عليه ووقف بعرفه وعاد في آخر الليل إلى بيته وأدى صلاة العيد مع أهل المحل، بعض الناس يصدق هذه الخرافة وبعضهم ينكرها ولا يصدقها؟

جـ: اعلم أيها الأخ السائل أن كلامك هذا لا يصدقه أحد من الناس أصحاب العقول الفطرية الذين لم تدنس عقولهم وأفكارهم بأوضار الخرافات والأباطيل ولا يقره أحد من خلق الله الذين لا يزالون على الفطرة التي خلقهم الله عليها ولا يكاد يصدق أيُّ إنسان كل ما جاء في السؤال له فكر وعقل لأن ما جاء فيه كذب وافتراء وإفك وشعوذة وخرافات لا يقرها العقل ولا الدّين ولا العلم، وهل يمكن لعاقل أن يصدق بأنَّ رجلاً عادياً ركب على ظهر نسر من اليمن إلى مكة أو من مكة إلى اليمن في ساعات معدودة إلى حد أنه غادر اليمن ووقف في عرفات ورجع إلى اليمن في يوم وليلة ولم يصلي العيد إلا مع أصحاب محله، وهل يمكن شرعاً أن نسمي من ترك مناسك الحج التي عملها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأمر المسلمين بأخذها عنه حاجاً أو مؤدياً الحج وقد غادر عرفات راجعاً إلى بلده اليمن ولم يؤد باقي مناسك الحج التي من أهمها طواف الزيارة بعد المبيت بمزدلفة والمرور بالمشعر الحرم ورمي الجمرة الكبرى والحلق أو التقصير.

والخلاصة:


(١) صحيح مسلم: كتاب الأضاحي: باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله. حديث رقم (٣٦٥٧) بلفظ (حَدَّثَنَا أَبُو الطُّفَيْلِ عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسِرُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: فَغَضِبَ وَقَالَ: مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسِرُّ إِلَيَّ شَيْئًا يَكْتُمُهُ النَّاسَ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ حَدَّثَنِي بِكَلِمَاتٍ أَرْبَعٍ: قَالَ فَقَالَ: مَا هُنَّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: قَالَ: لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَهُ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الْأَرْضِ).
أخرجه النسائي في الضحايا، وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة.
أطراف الحديث: الأضاحي.
معاني الألفاظ: آوى: حمى ونصر. المحدث: الجاني.
(٢) الشعراء: آية (٢٢٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>