للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بركاتهم وأن يلحقنا بهم صالحين، وهذا كله إن صح ما قيل عن هذا الشخص مما جاء في رسالة السائلين وغيرهما وأرجو أن لا يصح عنه هذا الاعتقاد كما أرجو إن صح عنه بأنه قد رجع عن آرائه هذه التي قد ذكرت الرد عليه في جوابي هذا، وأما كونه سيؤجر على عمارته للمسجد فالعلم عند الله سبحانه وتعالى فهو العالم بكل شيء.

[تحريم سب أو شتم أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-]

س: ما قول علمائنا الأجلاء فيمن يسب أو يشتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي نفس الوقت ينكر كون عثمان رضي الله عنه من أهل بدر وبيعة الرضوان؟

جـ: اعلم بأنه لا ينبغي لأيِّ مسلم أن يخوض في مسألة الصحابة الأجلاء ولا أن يشغل فكره حول هؤلاء الأعلام فضلاً عن أن يقدح في عدالتهم أو يشتمهم أو يسبهم ولا سيما السابقون الذين سبقوا غيرهم بالإيمان وخصوصاً الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم الذين قد أخبرنا الله بأنه قد رضي عنهم في القرآن الكريم الذي أنزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من فوق سبع سماوات حيث وهم ممن بايعوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تحت الشجرة، أما (أبو بكر وعمر وعلى) رضي الله عنهم فقد بايعوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنفسهم، وأما (عثمان بن عفان) رضي الله عنه فقد بايع عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيده الشريفة المباركة وقال هذه عن (عثمان) لأنه كان مبعوث النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى قريش بل ما كانت البيعة هذه إلا بسبب ما كان أشيع عن (عثمان) رضي الله عنه أن قريشاً قد حبسته في مكة، كما أنهم أيضاً من (أهل بدر) الذين قد أخبرنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنهم قد استحقوا المغفرة من الله تعالى حيث جاء في الحديث المرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمْ الْجَنَّةُ، أَوْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ) (١) ولقد باشر الخلفاء الراشدون القتال في يوم بدر بأنفسهم إلا أمير المؤمنين (عثمان) رضى الله عنه فقد كان له عذر ضروري كان سبب تأخره في المدينة هو البقاء عند زوجته (رقية) رضي الله عنها في مرضها المخوف بأمر من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى توفيت و (عثمان) عندها وجاء البشير بانتصار النبي وأصحابه على عصابة قريش إلى المدينة المنورة في الوقت الذي دفن الناس فيه السيدة (رقية) بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مثواها الأخير وقد عد النبي صلى الله عليه وآله وسلم (عثمان) من جملة أهل بدر وقسم له سهماً مثل أصحابه أهل بدر حيث كان (عثمان) يعمل في حاجة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد ذكر الإمام يحيى بن حمزة الحسيني رحمه الله في رسالته المشهورة المسماة (الرسالة الوازعة للمعتدين عن سب أصحاب سيد


(١) صحيح البخاري: كتاب المغازي: باب فضل من شهد بدرا. حديث رقم (٣٨٩٥) بلفظ (عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ وَكُلُّنَا فَارِسٌ قَالَ: انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ فَإِنَّ بِهَا امْرَأَةً مِنْ الْمُشْرِكِينَ مَعَهَا كِتَابٌ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فَأَدْرَكْنَاهَا تَسِيرُ عَلَى بَعِيرٍ لَهَا حَيْثُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقُلْنَا: الْكِتَابُ فَقَالَتْ: مَا مَعَنَا كِتَابٌ، فَأَنَخْنَاهَا فَالْتَمَسْنَا فَلَمْ نَرَ كِتَابًا، فَقُلْنَا: مَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَتُخْرِجِنَّ الْكتاب َلَمَّا رَأَتْ الْجِدَّ أَهْوَتْ إِلَى حُجْزَتِهَا وَهِيَ مُحْتَجِزَةٌ بِكِسَاءٍ فَأَخْرَجَتْهُ، فَانْطَلَقْنَا بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، فَدَعْنِي فَلِأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ حَاطِبٌ: وَاللَّهِ مَا بِي أَنْ لَا أَكُونَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ لِي عِنْدَ الْقَوْمِ يَدٌ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهَا عَنْ أَهْلِي وَمَالِي، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ إِلَّا لَهُ هُنَاكَ مِنْ عَشِيرَتِهِ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَدَقَ وَلَا تَقُولُوا لَهُ إِلَّا خَيْرًا، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّهُ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ فَدَعْنِي فَلِأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ: أَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ؟ فَقَالَ: لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمْ الْجَنَّةُ أَوْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ، فَدَمَعَتْ عَيْنَا عُمَرَ وَقَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ).
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، والترمذي في تفسير القرآن، وأبو داود في الجهاد، وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>