للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالإجبار تبطل العقود الشرعية فتصير أي العقود الشرعية كأنها لم تكن، وذلك كالبيع أو الوقف أو العتق فمن باع أو أوقف أو أعتق وهو مكره على البيع أو الوقف أو العتق فإن البيع لا يقع والوقف لا يقع والعتق لا يقع، وكذلك من طلق وهو مكره فطلاقه لا يقع ووجوده وعدمه سواء مهما صح الإكراه، وحد الأكراه ما يخشى على نفسه القتل أو الضرر كما قرره علماء الشريعة الإسلامية.

س: هل يصح طلاق المكره؟

جـ: لا يصح طلاق المكره لحديث (إِنَّ اللَّه تَجَاوَزَعَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ، وَمَااسْتُكْرِهُواعَلَيْهِ) خلافاً لأبي حنيفة وهو مذهب ضعيف لكن لا بد من برهان على صحة الإكراه، كما أن حد الإكراه هو الذي لم يتبق للمكره قدرة على الدفاع.

[آراء العلماء في وجوب طاعة الوالدين أو أحدهما بطلاق الزوجة]

س: يوجد رجل متزوج بامرأة سلوكها حسن ولكن والدة هذا الرجل تحاول أن تفرق بينها وبين زوجها فأصبح في حيرة من أمره، فما هو حكم شريعة الإسلام؟

جـ: من العلماء من يقول بأن على الولد طاعة والديه إذا أمراه بطلاق زوجته لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر ابن عمر بطلاق زوجته طاعة لأبيه الذي كان قد أمره بطلاق زوجته، ومن العلماء من يقول لا يجب على الولد طلاق زوجته إذا أمره أحد والديه لأن الطلاق أبغض الحلال وإنما أمر الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ابن عمر بذلك لأنه كان قد عرف أن عمر لم يأمر ولده بذلك إلا وقد عرف بأن زوجته لا تصلح له زوجة، وعندي أن المسألة تحتاج إلى من يتوسط بين الرجل ووالدته ويسعى في إصلاح الشأن بين الطرفين ومعرفة الدافع الذي حمل الوالده على الأمر بطلاق زوجة ابنها فإن كانت متعنتة وليس لها أيُّ مبرر فعليه النصح لها بأسلوب لين، وإن كان لها مبرر لمطالبة ولدها بالطلاق فعلى الولد طاعة والدته.

والخلاصة لما جاء في جوابي هذا تنحصر فيما يلي:

١ - من أمرته أمه بطلاق زوجته لا يتسرع حتى يتوسط من يدرس القضية فإن كانت الأم متعنتة كان اقناعها بأحسن أسلوب.

وإن كانت على حق طلق الولد زوجته.

س: رجل يطلب من ابنه أن يطلق زوجته وهو لا يريد؟

جـ: الطلاق لا يكون إلا بسبب وإذا لم يكن هناك سببا مسوغا لطلاق المرأة ولا وضَّح الوالد لولده السبب الموجب لطلب الطلاق إيضاحاً مربوطاً بمسوغ للطلاق فلا يجب على الولد أن يطلق زوجتهلقوله تعالى {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ … فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} (١) وقوله تعالى {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (٢) ولحديث (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي) (٣) وحديث (اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ


(١) - النساء: (١٩)
(٢) - البقرة: (٢٢٩)
(٣) - سنن الترمذي: كتاب المناقب: باب فضل أزواج التبي صلى الله عليه وسلم. حديث رقم (٣٨٩٥) بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي، وَإِذَا مَاتَ صَاحِبُكُمْ فَدَعُوهُ) صححه الألباني بنفس الرقم.
أخرجه أبوداود في الأدب، والدارمي في النكاح.

<<  <  ج: ص:  >  >>