للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جـ: تارك الصلاة تهاوناً وتكاسلاً مرتكباً لمعصية عظيمة لأن الصلاة هي الفارقة بين المسلم والكافر فمن تركها فهو عاص لله ولرسوله فاسق خارج من طاعة الله كافرٌ بنعمة الله لحديث (بَيْنَ الرَّجلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ) (١) وفي رواية النسائي (لَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ إِلَّا تَرْكُ الصَّلَاةِ) وفي رواية الترمذي (الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ) وعليه أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً وباب التوبة مفتوح إلى أن تطلع الشمس من مغربها كما أن عليه أن يقضي ما فاته بحسب ما يغلب عليه ظنه لأن قضاء الدين واجبٌ شرعا لحديثً (فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى) كما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في جواب الرجل الذي سأله عن قضاء الصوم عن أمه التي ماتت وعليهاصوم، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب خلافاً لابن حزم وابن تيمية وغيرهما ممن لا يقول بوجوب القضاء بل بالتوبه النصوح وكثرة التطوعات، والصلاة هي أول ما يسأل الله العبدعنها يوم القيامة كما في حديث (إنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسبُ بِهِ الْعَبْدُ بِصَلَاتِهِ فَإِنْ صَلَحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجحَ وَإِنْ فَسدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسر، قَالَ هَمَّامٌ لَا أَدْرِي هَذَا مِنْ كَلَامِ قَتَادَةَ أَوْ مِنْ الرِّوَايَةِ فَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ قَالَ انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلُ بِهِ مَا نَقَصَ مِنْ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ يَكُونُ سائِرُ عَمَلِهِ عَلَى نَحْوِ ذَلِكَ) (٢).

س: رجل قطع الصلاة لمدة سنة هل يقضي أم لا؟

جـ: ذهب الجمهور من العلماء إلى أنه يقضي الصلوات التي تركها، وذهب ابن تيمية وابن القيم وابن حزم وهو الذي رجحه (سيد سابق) وهو مذهب ابني الإمام الهادي إلى أنه لا يقضي بل عليه أن يكثر من النوافل، ودليل الجمهور من العلماء على القضاء هو حديث (فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى) (٣) وهو يعم قضاء الصلاة والصيام والحج والزكاة وغيرها من العبادات وهو رأيي الشخصي أنه يجب عليه القضاء لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال للسائل أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيه قال نعم، والرسول -صلى الله عليه وسلم- قال (فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى).

[كيف يقضي من ترك الصلاة لسنوات عديدة]

س: كيف يعمل من ترك الصلوات لسنين عديدة ولم يذكر عدد الفوائت؟


(١) - صحيح مسلم: كتاب الإيمان: باب ماجاء في ترك الصلاة. حديث رقم (٢٤٢) بلفظ (عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلَاةِ)
أخرجه الترمذي في الإيمان، والنسائي في السنة، وابن ماجة في إقامة الصلاة والسنة فيها، وأحمد في باقي مسند المكثرين، والدارمي في الصلاة.
وفي سنن النسائي: كتاب الصلاة: باب الحكم في تارك الصلاة. حديث رقم (٤٦٢) بلفظ (عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ إِلَّا تَرْكُ الصَّلَاةِ). صححه الألباني في صحيح سنن النسائي بنفس الرقم.
أخرجه مسلم في الإيمان.
وفي سنن الترمذي: كتاب الإيمان: باب ما جاء في ترك الصلاة. حديث رقم (٢٦٢١) بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ) صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم.
أخرجه النسائي في الصلاة، وابن ماجة في إقامة الصلاة والسنة فيها، وأحمد في باقي مسند الأنصار.
(٢) - سنن النسائي: كتاب الصلاة: باب المحاسبة على الصلاة. حديث رقم (٤٦٤) بلفظ (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسنِ عَنْ حُرَيْثِ بْنِ قَبِيصَةَ، قَال: َ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ قَالَ: قُلْتُ اللَّهُمَّ يَسرْ لِي جلِيسا صَالِحًا فَجلَستُ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: فَقُلْتُ: إِنِّي دَعَوْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجلَّ أَنْ يُيَسرَ لِي جلِيسا صَالِحًا فَحَدِّثْنِي، بِحَدِيثٍ سمِعْتَهُ مِنْ رَسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَنِي بِهِ، قَالَ: سمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسبُ بِهِ الْعَبْدُ بِصَلَاتِهِ فَإِنْ صَلَحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجحَ وَإِنْ فَسدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسر، قَالَ هَمَّامٌ لَا أَدْرِي هَذَا مِنْ كَلَامِ قَتَادَةَ أَوْ مِنْ الرِّوَايَةِ فَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ قَالَ انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلُ بِهِ مَا نَقَصَ مِنْ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ يَكُونُ سائِرُ عَمَلِهِ عَلَى نَحْوِ ذَلِكَ، خَالَفَهُ أَبُو الْعَوَّامِ) صححه الألباني في صحيح سنن النسائي بنفس الرقم.
أخرجه ابن ماجة في إقامة الصلاة والسنة فيها، وأحمد في باقي مسند المكث
(٣) صحيح البخاري: سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عباس رضي الله عنهما برقم (١٤١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>