للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس له حرمة لأنه جماد، أما إذا عطس أو سعل أو تحرك ولو لحظة واحدة فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في المقبرة وجوباً.

[تحريم حلق عانة الميت]

س: هل يجوز حلق عانة الميت؟ أم أنه حرام؟

جـ: اعلم بأنه قد وردت الأدلة الصحيحة على تحريم النظر إلى عورة الرجل أو إلى عورة المرأة سواء أكان الناظر رجلاً أو امرأة وسواء كان المنظور فيه حياً أو ميتاً لحديث (لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، وَلَا تَنْظُرُ الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ) (١) ومن جملة هذه الأحاديث الحديث الذي أخرجه الترمذي من حديث عبدالله بن جرهد بلفظ (إِنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ) (٢) وإذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد حكم بأن الفخذ عورة فبالأولى والأحرى الفرجان، وهكذا ورد في الحديث الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأمير المؤمنين علي ابن أبي طالب -رضي الله عنه- (لَا تُبْرِزْ فَخِذَكَ وَلَا تَنْظُرَنَّ إِلَى فَخِذِ حَيٍّ وَلَا مَيِّتٍ) (٣) وغير هذين الحديثين من الأحاديث المذكورة في كتب السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، إذا تقرر هذا عرفنا أنه لا يجوز النظر إلى عورة الميت عموماً وإلى عورتة المغلظة على جهة الخصوص، وعلى هذا الأساس فلا يجوز شرعاً للحلاق أن يحلق عانة الميت بحجة أن الميت عند أن توفي كان أشعث العانة بل ذلك محرم شرعاً لوجوه:

الوجه الأول: أن الميت قد انقطع عمله بمجرد خروج روحه من جسده لأن التكاليف الشرعية من الوجوب والتحريم لا تكون إلا لمن كان حياً إلا الغسل والتكفين والصلاة وغيره مما أوجبه الإسلام على الأحياء إزاء الأموات ولم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أحد من الصحابة والتابعين أو الأئمة المتبوعين أنهم أوجبوا على الأحياء أن يحلقوا عانات الأموات إذا ماتوا ولم يكونوا قد استحدوا، كما انه لم يروَ عنهم أنهم ندبوا إلى ذلك أو رغبوا فيه أو استحسنوا ذلك بل لم يرو عن أحد منهم أنه جوز ذلك الفعل تجويزاً فقط فضلاً عن أن يكون مندوباً أو مسنوناً أو واجباً.

الوجه الثاني: أن حلق العانة من حيث هو ليس بواجب وإنما هو مسنون فقط.


(١) صحيح مسلم: كتاب الحيض: باب تحريم النظر إلى العورات وتلامسها. حديث رقم (٥١٢) بلفظ (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، وَلَا تَنْظُرُ الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ، وَلَا يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، وَلَا تُفْضِي الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ).
أخرجه أحمد في باقي مسند المكثرين.
معاني الألفاظ: الإفضاء: اجتماع الأبدان وتلامسها.
(٢) سنن الترمذي: كتاب الأدب: باب ماجاء أن الفخذ عورة. حديث رقم (٢٧١٩) بلفظ (عَنْ زُرْعَةَ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ جَرْهَدٍ الْأَسْلَمِيِّ عَنْ جَدِّهِ جَرْهَدٍ قَالَ بِمُتَّصِلٍ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَرْهَدٍ فِي الْمَسْجِدِ وَقَدْ انْكَشَفَ فَخِذُهُ، فَقَال: إِنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ)
أخرجه أبوداود في الحمام، وأحمد في مسند المكيين، والدارمي في الاستئذان.
لايوجد له مكررات.
وفي صحيح البخاري: كتاب الصلاة: باب ما يذكره في الفخذ. حديث رقم (٠) بلفظ [قال أبو عبدالله: ويروى عن ابن عباس وجرهد ومحمد بن جحش عن النبي -صلى الله عليه وسلم- (الفخذ عورة)، وقال أنس بن مالك: (حسر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن فخذه) قال أبو عبدالله وحديث أنس أسند وحديث جرهد أحوط حتى يخرج من اختلافهم وقال أبو موسى (غطى النبي -صلى الله عليه وسلم- ركبتيه حين دخل عثمان) وقال زيد بن ثابت أنزل الله على رسوله -صلى الله عليه وسلم- وفخذه على فخذي فثقلت علي حتى خفت أن ترض فخذي].
معاني الألفاظ: حسر: كشف. رُض: ضغط ودُق
(٣) سنن أبي داود: سبق ذكره في هذا الباب من حديث علي -رضي الله عنه- برقم (٢٧٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>