للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرتضى الزبيدي في شرح القاموس المسمى بـ (تاج العروس) شارحاً لقول مؤلف القاموس (والكفر التعظيم) ومفسراً هذا التعظيم ما نصه (وهو أي هذا التعظيم إيماء لرأس من غير سجود) وعلى فرض أن هذا الحديث موجود في كتب السنة وأنه صحيح أو حسن أي صالح للاحتجاج به وأن معنى التكفير هو وضع إحدى اليدين على الأخرى حال القيام في الصلاة فهذا الحديث سيكون معارضاً للأحاديث الكثيرة الدالة على مشروعية الضم في حال القيام في الصلاة الذي قد بلغ رواتها حد التواتر كما صرَّح بذلك الشيخ محمد بن جعفر الكتاني في كتابه (نظم المتناثر من الحديث المتواتر) حيث عدَّدَ رواتها من الصحابة فبلغوا تسعة عشر صحابياً، ومن التابعين فبلغو ستة فيكون جملة من رواه خمسة وعشرين منها حديث (كَانَ النَّاسُ يُؤْمَرُونَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ الْيَدَ الْيُمْنَى عَلَى ذِرَاعِهِ الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ) (١)، والتواتر يكون بأقل من هذا العدد وهؤلاء الصحابة الذين ذكرهم الكتاني هم: سهل بن سعد الساعدي، ووائل بن حجر الحضرمي، وعبد الله بن مسعود، و علي بن أبي طالب، وابن الزبير، وأبو هريرة، وجابر بن عبدالله، والحارث بن غطيف، وعمر بن حريث المخزومي، ويعلي بن مرة الثقفي، وعبدالله بن عمر، وأبو الدرداء، وحذيفة، وعائشة، وابن عباس، وأنس، وشداد بن شرحبيل، ومعاذ بن جبل.

أما التابعون فهم: سفيان، والحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وإبراهيم النخعي، وعند التعارض يكون الرجوع إلى الترجيح، فيرجح حديث مشروعية الضم لكونه متواتراً على الحديث الدال على عدم المشروعية لكونه أحادياً وهذا على فرض أنه صالح للإحتجاج به وأنه صريح في الدلالة على المقصود ودون تسليم ذلك مفاوز وعقبات.

هذا ما خطر ببالي حول موضوع هذا السؤال وقد سبق الجواب مني بأن مسألة الضم مسألة خلافية وأن كل من ذهب إلى القول بالمشروعية أو إلى القول بعدم المشروعية قد ذهب إلى ما أداه إليه اجتهاده بعد أن بذل الوسع وتحرى بقدر الإمكان ولكل مجتهد أجر، أما رأيي الشخصي في هذه المسألة فهو أن الضم مشروع على جهة السنة أو الاستحباب.

[الصحيح في تسبيح الركوع أو السجود]

س: هل الصحيح في تسبيح الركوع أو السجود أن يكون بلفظ (سبحان الله العظيم في الركوع) و (سبحان الله الأعلى في السجود) أم بلفظ (سبحان ربي العظيم في الركوع) و (سبحان ربي الأعلى في السجود)؟

جـ: استدل القائلون بأن التسبيح في الركوع يكون بلفظ (سبحان الله العظيم وبحمده) بدلاً من (سبحان ربي العظيم) وأن التسبيح في السجود يكون بلفظ (سبحان الله الأعلى وبحمده) بدلاً من (سبحان ربي الأعلى) بأدلة كثيرة ولكنها لا تخلو عن ضعف من ناحية الدلالة أو من ناحية الإسناد، ومن هذه الأدلة قولهم إن ظاهر قوله تعالى {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}، وظاهر قوله تعالى {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} دالاّن على أن المصلي يقول في الركوع (سبحان الله العظيم) ويقول في السجود (سبحان الله الأعلى) حيث ورد في حديث عقبة بن عامر عند


(١) منها ما ورد في صحيح مسلم: كتاب الصلاة: باب يضع يده اليمنى على اليسرى بعد تكبيرة الإحرام تحت صدره فوق سرته. حديث رقم (٨٩٤) بلفظ (عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ وَمَوْلًى لَهُمْ أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ عَنْ أَبِيهِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفَعَ يَدَيْهِ حِينَ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَ وَصَفَهما حِيَالَ أُذُنَيْهِ، ثُمَّ الْتَحَفَ بِثَوْبِهِ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ أَخْرَجَ يَدَيْهِ مِنْ الثَّوْبِ، ثُمَّ رَفَعَهُمَا، ثُمَّ كَبَّرَ فَرَكَع، فَلَمَّا قَال: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَفَعَ يَدَيْهِ، فلمَّا سَجَدَ سَجَدَ بَيْنَ كَفَّيْهِ)
أخرجه النسائي في الافتتاح، وأبو داود في الصلاة، وابن ماجة في إقامة الصلاة والسنة فيها، وأحمد في أول مسند الكوفيين، والدارمي في الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>