للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} (١) والذين لم يكن أهلهم حاضري المسجد الحرام هم الحجاج الأفاقيون، والذين أهلهم حاضري المسجد الحرام هم أهل مكة والآية قد دلت على مسألتين بالمفهوم وبالمنطوق، أما المسألة التي دلت عليها بالمنطوق أن التمتع لا يكون إلا لمن لا يكون مكياً، وأما المفهوم فهو أن المكي لا يشرع له التمتع.

س: إذا نوى الحاج بالعمرة متمتعاً بها إلى الحج ودخل مكة وأدى العمرة ثم تحلل وذهب إلى مدينة جده وعاد إلى مكة دون أن يحرم للحج وفي يوم التروية أحرم للحج وذبح هدي التمتع فهل كان عليه أن يحرم من جده بالحج أولاً فإذا كانت الإجابة بنعم فماذا يلزمه اليوم وقد فاته ذلك؟

جـ: لا مانع للحاج المتمتع أن يذهب من مكة إلى جده بعد التحلل ولا يلزمه دم غير دم التمتع لأنه لم يعمل أيَّ شئ مخالف للحج وما عمله لا يلزمه الدم.

[جواز اغتسال المحرم أو تغسيل ثيابه بصابون ليس فيه رائحة طيبة]

س: هل يجوز لمن أحرم بالحج أن يغتسل بالماء والصابون أو أن يغسل ثياب إحرامه أفتونا مأجورين؟

جـ: اعلم بأنه لا مانع للمحرم من أن يغتسل وهو محرم لأن الأصل الجواز ومن ادعى المنع فعليه الدليل الصريح الخالي عن المعارضة ولا سيما وقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه اغتسل وهو محرم كما في الصحيحين بلفظ (أنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ اخْتَلَفَا بِالْأَبْوَاءِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ، وَقَالَ الْمِسْوَرُ: لَا يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ، فَأَرْسَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ إِلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ فَوَجَدَهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ وَهُوَ يُسْتَرُ بِثَوْبٍ، قَالَ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُنَيْنٍ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ أَسْأَلُكَ، كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ؟ قَالَ: فَوَضَعَ أَبُو أَيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ فَطَأْطَأَهُ حَتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ، ثُمَّ قَالَ: لِإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ، اصْبُبْ، قَالَ: فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ حَرَّكَ أَبُو أَيُّوبَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) (٢) وهكذا لا مانع من أن يغسل ثوب إحرامه و يبدل بدلة (ثوباً آخراً جديداً أو غسيلاً) ولا بأس أن يكون غسل الثوب أو البدن بالصابون إذا لم يكن الصابون من الصابون الذي له رائحة طيّبة لأن التطيب حرام على المحرم.


(١) - البقرة: الآية (١٩٦).
(٢) - صحيح البخاري: كتاب جزاء الصيد: باب الإغتسال للمحرم. حديث رقم (١٨٤٠) بلفظ (عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ اخْتَلَفَا بِالْأَبْوَاءِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ، وَقَالَ الْمِسْوَرُ: لَا يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ، فَأَرْسَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ إِلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ فَوَجَدَهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ وَهُوَ يُسْتَرُ بِثَوْبٍ، قَالَ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُنَيْنٍ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ أَسْأَلُكَ، كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ؟ قَالَ: فَوَضَعَ أَبُو أَيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ فَطَأْطَأَهُ حَتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ، ثُمَّ قَالَ: لِإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ، اصْبُبْ، قَالَ: فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ حَرَّكَ أَبُو أَيُّوبَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
أخرجه مسلم في الحج، والنسائي في مناسك الحج، وأبو داود في المناسك، وابن ماجة في المناسك، وأحمد في باقي مسند الأنصار، ومالك في الحج، والدارمي في المناسك.
معاني الألفاظ: القرنين: الخشبتين القائمتين على رأس البئر. … طأطأه: ازاله عن رأسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>