جـ: اعلم أنه لا معارضة بين هذه الآية والحديث لأن الحديث هو حكاية عن من قبلنا من الأمم وشريعة من قبلنا ليست شريعة لنا، ولسنا متعبدين بفعل ما ورد فيها كما هو مذهب جمهور علماء الأصول لأن علماء الأصول اختلفوا في شريعة من قبلنا هل هي شريعة لنا؟، فمن العلماء من ذهب إلى أن شريعة من قبلنا هي شريعة لنا، ومنهم من ذهب إلى أن شريعة من قبلنا ليست شريعة لنا، والصحيح: هو أن الشريعة الإسلامية غير محتاجة لأدلة من شرائع أخرى لأن لكل رسول من رسل الله شرعة ومنهاجاً، وبناء على ذلك فالعمل على ما جاء في الآية الكريمة المصرحة على أن من قتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً وما جاء في الحديث عن قبول توبة من قتل مائة نفس هو حكاية عمن قبلنا من الأمم السابقة كما هو نص الحديث، وحكاية النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الأمم السابقة لا يكون حجة علينا ولا دليل فيها على الحكم علينا بحيث نعمل بما تضمنته هذه الحكاية، وعلى فرض أن شريعة من قبلنا شريعة لنا فقد عارض الحديث الآية الكريمة القطعية الدلالة على أن (من يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه) فالعمل على ما جاء في الآية الكريمة لأن شريعة الإسلام ناسخة لكل ما جاء من الشرائع السابقة، فيكون ما جاء في الحديث منسوخاً والآية ناسخة والعمل يكون بالناسخ لا بالمنسوخ، وعلى كلا المذهبين فالعمل على ما نصت عليه الآية الكريمة لا على الحديث لأن الحديث ظني السند والآية قطعية السند.
س: أجمع أهل السنة والجماعة من الصحابة والتابعين وتابعيهم بأن أهل معرفة الله لا يخلدون في النار وأهل نكرانه يخلدون مستدلين بالآيات والأحاديث الصحيحة، فكيف نجمع بين قولهم وقول الله تعالى {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} الآية أرجو التوضيح فقد أشكل علينا؟
جـ: آية عقوبة القاتل التي هي {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} مخصصة لآية {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} وغيرها فبقية أهل الكبائر تحت المشيئة، والقاتل سيخلد في النار والله أعلم.
[قبول توبة القاتل إذا سلم نفسه للقصاص]
س: جاء في الحديث الصحيح بأن الحدود كفارة فإذا أقيم الحد على القاتل فهل يقتص المقتول يوم القيامة؟
جـ: إذا كان القاتل قد سلم نفسه للقصاص وتاب توبة خالصة فسيغفر الله له يوم القيامة ويعوض المقتول بعوض حتى يرضى.