للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ، قَالَ: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ) وحديث (ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَبَائِرَ أَوْ سُئِلَ عَنْ الْكَبَائِرِ فَقَالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، فَقَالَ: أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ قَالَ: قَوْلُ الزُّورِ أَوْ قَالَ شَهَادَةُ الزُّور) وقد قرن العقوق بالشرك وحكم عليهما بأنهما من أكبر الكبائر فمن كان يؤمن بالله فليتق الله ويبر بأمه وأبيه، وضربهما حرام وقد حرم القرآن على الولد أن يقول لوالديه (أُفٍّ) في قوله تعالى {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (٢٣) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا … رَبَّيَانِي صَغِيرًا} (١) فبالأولى والأحرى الضرب، ومن صح أنه يضرب والدته فإنه مجرم وآثم إثماً عظيماً، يجب على الناس نهيه عن ذلك لحديث (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَستَطِعْ فَبِلِسانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَستَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ).

س: إذا عرف شخص أن والدته ووالده يتضايقون من وجود زوجته فقام بإفرادها في منزل آخر تجنياً للمشاكل، فهل يعتبر منه ذلك طاعة لهما أم ماذا؟

جـ: يجب على الرجل أن يطيع والديه كما يجب عليه أن يحسن عشرته مع زوجته ولا يجوز له أن يطيع والديه طاعة عمياء وإلى حد أن يظلم زوجته كما لا يجوز له أن يحسن عشرته مع زوجته ويعطف عليها عطفاً زائداً إلى حد أنه يعصي والديه لأجلها ومن أجلها، وقد أحسنت بما جمعت من الطاعة لوالدتك وإعطاء زوجتك ما تحتاجه بحيث لا يحصل بينها وبين والدتك أيُّ شيء مما قد يحصل بين الزوجة ووالدة الزوج، وزوجتك التي أفردتها في بيت خاص لها ومنعتها من التدخل في شئون والدتك، لكن يجب عليك بروالدتك واحترامها وطاعتهاعملا بحديث (يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ قَالَ: أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أَبُوكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ) (٢) فجزاك الله خيراً.

س: إذا كان الولد يطيع أمه أكثر من طاعته والده بحجة أنهما متخاصمان، فما هو الواجب عليه أو على والديه؟

جـ: يطيع الاثنين والأم أقدم من الأب لحديث (يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ قَالَ: أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أَبُوكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ)، وإن كان الأبوان كلاهما طاعتهما واجبة لقوله تعالى {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} (٣) وقوله تعالى {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (١٤) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ … تَعْمَلُونَ} (٤).

[مشروعية دعاء الوالد لولده لمن تحققت دعوته على ولده]

س: ولد كان يشرب السيجارة والشمة بدون علم والده وكان ناجحاً في أعماله ولكنه بعد أن اكتشفه والده دعا عليه


(١) - الإسراء: آية (٢٤، ٢٣)
(٢) - صحيح مسلم: كتاب البروالصلة والأدب: باب بر الوالدين وأيهما أحق به. حديث رقم (٤٦٢٣) بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ قَالَ: أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أَبُوكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ)
أخرجه البخاري في الأدب، وابن ماجه في الأدب، وأحمد في باقي مسند المكثرين.
(٣) - الإسراء: (٢٣).
(٤) - لقمان: (١٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>