للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} (١) والنفقة هي أقل ما يفيده قوله تعالى {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}.

[وجوب نفقة الوالدين المعسرين على الولد الموسر]

س: لي ولد واحد ربيته حتى أصبح كبيراً ثم زوجته حتى أصبحت غير قادر على العمل وكسب العيش فمرضت مرضاً أقعدني في البيت، ثم أنفصل عنا وسكن في بيت آخر وأصبحنا أنا وأمه وحيدين عاجزين مع ست بنات ولا نجد من يساعدنا أو يصرف علينا وهو في بحبوحة من العيش، فهل يصح لي بأن أحرر لزوجتي شيئاً من أملاكي جزاء لأتعابها لأنها هي التي تخدمني بكل إخلاص ووفاء؟

جـ: حكم هذا الولد إن صح أنه عاق لوالده أو لوالديه وعقوق الوالدين من أكبر الكبائر كما نص على ذلك الأحاديث المروية في الصحيحين منها حديث (أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ: أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ، قَالَ: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ) (٢) وحديث (ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَبَائِرَ أَوْ سُئِلَ عَنْ الْكَبَائِرِ فَقَالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، فَقَالَ: أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ قَالَ: قَوْلُ الزُّورِ أَوْ قَالَ شَهَادَةُ الزُّور) (٣) هذا من الناحية الدينية، أما من الناحية الشرعية فاللازم عليه الإنفاق على والديه النفقة اللازمة والمناسبة ويكسوهما ويعالجهما إن احتاجا إلى علاج، ولا مانع للوالد من عرض القضية على أصحاب الولد وأقاربه وأصدقائه ليعرفوه بأنه يجب عليه الإنفاق على والديه وكفايتهم، فإن اقتنع فهو المطلوب وإلاَّ عرضا القضية على القاضي الشرعي في المدينة أو المنطقة ليعرف الحقيقة ويجري اللازم شرعاً، وأما الوصية للزوجة فلا صحة لها لكونها وارثة ولا وصية لوارث، وأما للخدمة فلا تخلو إن كانت هذه الخدمة هي الخدمة المعتادة فلا تستحق الزوجة للأجرة عليها حتى تصح الوصية وإن كانت زائدة في عملها عن عمل الزوجات الأخريات فلا مانع من الوصية لها مقابل العمل الزائد عن المعتاد، لكن بشرط أن يكون بقدر العمل الزائد بلا زيادة في ذلك وإلا كان في ذلك حيلة على الورثة والحيلة حرام.

[علاج الوالدين أو أحدهما على الموسرين والخدمة عليهم جميعا]

س: عجوز فاقدة للذاكرة ولها ثلاثة أولاد كبار لهم أولاد في البلاد وبنتان متزوجتان ولهن عيال وهن بعيدات عن البلاد فمن يقوم برعايتها؟ علما بأن أولادها لا يردون عليها فعلى من يجب رعايتها وعلاجها؟

جـ: العلاج على جميع الموسرين من البنين والبنات والخدمة عليهم جميعا أو يبحثوا عن امرأة تخدمها وأجرتها


(١) لقمان: آية (١٥).
(٢) - صحيح البخاري: كتاب الشهادات: باب ما قيل في شهادة الزور. حديث رقم (٢٤٦٠) بلفظ (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ: أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ، قَالَ: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ)
أخرجه مسلم في الايمان، والترمذي في الشهادات، وأحمد في أول مسند البصريين.
معاني الألفاظ: الزور: الكذب والباطل.
(٣) - صحيح البخاري: كتاب الأدب: باب عقوق الوالدين من الكبائر. حديث رقم (٥٥٢٠) بلفظ (حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَبَائِرَ أَوْ سُئِلَ عَنْ الْكَبَائِرِ فَقَالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، فَقَالَ: أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ قَالَ: قَوْلُ الزُّورِ أَوْ قَالَ شَهَادَةُ الزُّورِ قَالَ شُعْبَةُ وَأَكْثَرُ ظَنِّي أَنَّهُ قَالَ شَهَادَةُ الزُّورِ).
أخرجه مسلم في الإيمان، والترمذي في البيوع عن رسول الله، تفسير القرآن عن رسول الله، والنسائي في تحريم الدم، والقسامة، … وأحمد في باقي مسند المكثرين.
أطراف الحديث: الأدب، الديات.

<<  <  ج: ص:  >  >>