س: قد نذرت بثلث أرضي لأخي ولي أم وأختان وزوجة فقط وقد أجازت الأم والزوجة والأختان بهذا النذر، فهل يعتبر هذا النذر صحيحاً أم انه غير صحيح؟
جـ: اعلم أن النذر ها هنا هو بمعنى الوصية لأن تصرفات غير العارفين حكمها مثل حكم الوصية لا تنفذ إلا بعد الموت وبناء على ذلك فالوصية هذه غير صحيحة وغير نافذة شرعاً لأنها وصية لوارث والوصية لوارث لا تصح ولا تنفذ شرعاً لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد نهى عنها أو نفى صحتها حيث قال (إِنَّ اللَّهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ وَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) وذلك لكون الأم سترث السدس والزوجة الربع والباقي للأخ ولأختيه المذكورتين في السؤال مهما كان الأخ هو وأختاه أشقاء للناذر أي أن الجميع إخوة للأبوين والأخ هذا وارث له من الإرث مثل أختيه، اللهم إلا إذا أجازت النساء المذكورات هذه الوصية بعد موت الموصي فإن الإجازة تجعل الوصية نافذة شرعاً وإذا أجاز البعض دون البعض نفذت الوصية في حصة من أجاز دون من لم يجز هذه الوصية والمراد بالإجازة هي الإجازة التي تكون بعد الموت، ويجب أن يبين للمرأة كم مقدار إرثها والنقص فيه إذا هي أجازت وكم سيكون إرثها الكامل إذا لم تجز الوصية لهذا الوارث، لأن النساء يجهلن معنى الإجازة ولا يظهر لهن بأن الإجازة ستنقص من إرثهن الثلث كما في هذه المسألة ونحوها أو أقل من الثلث كما في غيرها من المسائل ونظائرها من المسائل التي قد يوصي الموصي لبعض الورثة بثلثه كاملاً لا إلى مقابل شئ، ومثلاً في هذه المسألة سيكون للأخ الثلث من باب الوصية وذلك ثمانية قراريط من أربعة وعشرين قيراطاً ويبقى ستة عشر قيراطاً للأم السدس ثلاثة قراريط وللزوجة الربع أربعة قراريط والباقي تسعة قراريط وثلث قيراط للعصبة للذكر مثل حظ الأنثيين خمسة قراريط إلا ثلثاً للأخ ولأختيه خمسة قراريط إلا ثلثا لكل واحدة النصف وهو قيراطان وثلث قيراط وسيكون هذا الأخ قد ظفر بنصيب الأسد، لأنه سيأخذ الثلث أولاً ثم إرثه المضاعف على إرث كل واحدة من أختيه ويكون المجموع ثلاثة عشر قيراطاً إلا ثلثاً قيراط الأكثر من نصف التركة وتكون النساء قد غبنَّ غبناً فاحشاً وخصوصاً الأختين لأن الإرث الذي سيخص الواحدة منهن لا يتجاوز القيراطان والثلث وأين القيراطان والثلث من ثلاثة عشر قيراط إلا ثلث وأين الثرى من الثريا وأين أكثر من نصف التركة مما هو أقل من عشر التركة، ولهذه الحكمة قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم إن الله قد أعطي كل ذي حق حقه (وَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) وجاء في بعض الروايات زيادة في آخر الحديث وهي إلا بإجازة من الورثة وسواء صحت هذه الزيادة أم لم تصح فإن العلماء قد أجمعوا على مدلولها وهي أن الإجازة تصير الوصية نافذة ولو كانت لوارث لأن الوارث قد تنازل عن حقه بالإجازة، ولكن لما كثر الغبن على النساء وكثر ظلم الرجال للنساء وكثرت الحيل على النساء في الوصايا شرط علماء الشريعة المحققون بأن الإجازة لا تكون مجوِّزة الوصية لوارث إلا بشروط هي:
١ - أن تكون الإجازة بعد الموت.
٢ - أن تكون الإجازة من المرأة برضائها واختيارها بلا مجاملة ولا ضغط ولا حياء.
٣ - أن تعرف المرأة ما يحصل عليها من نقص إذا هي أجازت وكم سيكون إرثها الكامل إذا لم تجز الوصية للوارث.
أن تعرف المرأة أنها غير ملزمة بالإجازة وأن لها الحرية في رفض الإجازة للوصية للوارث وإني أوصي كل من يوصي بأن (لا يوصي لوارث) لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نص على أنه (وَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) وأن لا يتحيل