للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالصَّفِّ الْأَوَّل، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا) (١).

[صحة إمامة الصبي المميز]

س: هل يصح أن يصلي الصبي المميز بالناس أم لا؟

جـ: يقول الإمام الشافعي يجوز أن يؤم الصبي المميز المكلف لأن (عمرو بن سلمة) رضي الله عنه كان يؤم قومه وعمره سبع سنوات كمافي حديث (فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّي لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنْ الرُّكْبَانِ، فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَأَنَا ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ) (٢)، أما الهادوية ومن وافقهم فلم يجوزوا إمامة الصبي لغيره من المكلفين وقالوا لأن الحديث لم يقره النبي -صلى الله عليه وسلم- لأنه كان خارج المدينة وليس في المدينة، فعند الهادوية لا يجوز للصبي أن يؤم غيره من المكلفين لا من الرجال ولا من النساء، وعند الشافعي يجوز للصبي أن يصلي بالنساء ويكون أمامهن، ويتفرع عن هذه المسألة مسألة أخرى هي:

س: إذا وجدنا صبياً يصلي في الصف هل يقطع الصف فنؤخره؟ أم يجوز دخوله في الصف؟

جـ: عند الهادوية لا ينضمون إلي الصبي بل يؤخرونه حتى يوصلوه إلى نهاية الصف أو يخرجونه من الصف، وعند الشافعية يجوزون دخوله الصف لأن الشافعي يقول: إذا قد جاز إمامة الصبي المميز فبالأولى والأحرى اعتبار دخوله الصف، ودليل الشافعية حديث (عمرو بن سلمة)، والهادوية يقولون لا دليل على التقرير من الرسول -صلى الله عليه وسلم- لـ (عمرو بن سلمة) وقومه وإطلاعه عليه ويقولون: لا يجوز الأصل (وهو صحة إمامة الصبي المميز للمكلفين) فلا نجوز الفرع (وهو جواز دخوله صف الصلاة وصحة الانضمام إليه).

[جواز تخلل الصبيان المميزين صفوف الصلاة]

س: هل يصح أن ينضم إلى وسط صف الجماعة صبي لا يقل عمره عن اثنتي عشر سنه أو أنه لا يصح؟ وهل صلاة باقي الصف الذي فيه الصبي باطله كما قيل لي؟

جـ: الذي قال بأن الصبي الذي لا يقل عمره عن اثنتي عشرعاماً لا يدخل وسط صف الجماعة وأن على اللاحق أن يؤخره إلى آخر الصف قد أفتاك بمذهبه الذي يصرح أئمته بأن الصبي لا يسد الجناح، وقد خالفهم غيرهم من العلماء كالشافعية وغيرهم الذين جوزوا بمعنى أنه لا مانع له أن يصلي في وسط الصف في أيِّ صف كان من صفوف صلاة الجماعة بل أجازوا للصبي المميز أن يكون إماماً إذا كان أحسن من غيره في القراءة ولو كان المؤتمون خلفه مكلفين لأن (عمرو بن سلمه) كان يصلي بقومه وهو صبي لم يبلغ الحلم لكونه كان أحسنهم قراءة كما في حديث (فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّي لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنْ الرُّكْبَانِ، فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَأَنَا ابْنُ سِتٍّ


(١) - صحيح البخاري: كتاب الأذان: باب الإستهام في الأذان. حديث رقم (٦١٥) بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّل، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْه، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا).
أخرجه مسلم في الصلاة، والترمذي في الصلاة، والنسائي في المواقيت، وأبو داود في الأذان، وابن ماجة في المساجد والجماعات، وأحمد في باقي مسند المكثرين، ومالك في النداء للصلاة.
أطراف الحديث: الشهادات، الجهاد والسير.
معاني الألفاظ: الاستهام: الاقتراع. التهجير: التبكير. … العتمة: صلاة العشاء.
(٢) صحيح سنن أبي داود: سبق ذكره في هذا الباب من حديث عمرو بن سلمة رضي الله عنه بتصحيح الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم (٥٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>