للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتأخرين، وسكوت المنذري عنه في كتاب الترغيب والترهيب لا يدل على صحته عنده ولا عند غيره لأنه قد ذكره بصيغة التمريض وهي لفظه (وروي) وهي كافيه في الدلالة على التضعيف عند المنذري رحمه الله حيث وقد نص في أول كتابه هذا أنه إن ذكره بقوله وعن فلان فهو حديث صحيح أو حسن أو ضعيف ضعفاً خفيفاً وكل حديث ذكره بلفظ (وروي) فهو حديث ضعيف ضعفاً شديداً أو منكراً وهذا الحديث قد بدأه بلفظة (وروي) لا بلفظ (عن فلان) فهو عنده ضعيف ضعفاً شديداً أو منكراً وعلى هذا فقول سيد سابق مؤلف فقه السنة بأن المنذري سكت عنه محتجاً بصحته عنده كلام غير صحيح وغير مطابق لقاعدة المنذري التي نص عليها في أول كتابه الترغيب والترهيب ولا سيما ولم يصحح هذا الحديث أحد من المتقدمين ولا من المتأخرين، وخصوصاً أنه مخالف لنص الحديث الصحيح المصرح بأن الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم تعدل ألف صلاة في غيره من المساجد سوى المسجد الحرام وهوبلفظ (صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الحَرَامَ) (١) وحديث (صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ) (٢) كما أنه سيلزم من قوله في هذا الحديث بأن الصلاة في أرض الرباط تعدل ألفي ألف صلاة أي أن الصلاة في أرض الرباط أفضل من الصلاة في الحرم المكي الشريف بعشرين صلاة وسيلزم من أن الركعتين الطويلتين في جوف الليل في بيت المصلي يكون أجرهما أعظم من أجر الصلاة في الحرم الشريف بعشرين ضعفاً، هذا، واعلم أنت وغيرك ممن يطالع كتاب فقه السنة بأنه وإن كان من أحسن الكتب تنسيقاً وألطفها عبارة وأسهلها تناولاً ومؤلفه من أكبرالفقهاء وأورعهم ولكنه بالرغم من ذلك يتساهل في تصحيح بعض الأحاديث والاحتجاج بما لا يحتج به الحفاظ المتخصصون ومن يريد أن يعرف صحة ما قلته فليطلع على تعليقات الحافظ الألباني على هذا الكتاب التي سماها (تمام المنة في التعليق على فقه السنة).

[استحباب قضاء الوتر بعد شروق الشمس]

س: من فاتته صلاة الوتر هل يصليها قضاء أم لا يصليها؟

جـ: ورد في حديث (وكان إذا غلبه نوم أو وجع عن قيام الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة) (٣) أن من فاتته


(١) - صحيح البخاري: كتاب الجمعة: باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة. حديث رقم (١١٩٠) بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ)
أخرجه مسلم في الحج، والترمذي في الصلاة، والنسائي في المساجد، وابن ماجة في إقامة الصلاة والسنة فيها، وأحمد في باقي مسند المكثرين، ومالك في النداء للصلاة.
(٢) - سنن ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها: باب ماجاء في فضل الصلاة في المسجد الحرام. حديث رقم (١٣٩٦) بلفظ (عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ) صححه الألباني في صحيح ابن ماجه برقم (١١٦٣)
أخرجه أحمد في باقي مسند المكثرين.
(٣) - صحيح مسلم: كتاب صلاة المسافرين: باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض. حديث برقم (١٧٣٦) بلفظ (أن سعد بن هشام بن عامر أراد أن يغزو في سبيل الله فقدم المدينة فأراد أن يبيع عقارا له بها فيجعله في السلاح والكراع ويجاهد الروم حتى يموت، فلما قدم المدينة لقي أناسا من أهل المدينة فنهوه عن ذلك وأخبروه أن رهطا ستة أرادوا ذلك في حياة نبي الله -صلى الله عليه وسلم- فنهاهم نبي الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: أليس لكم في أسوة؟ فلما حدثوه بذلك راجع امرأته وقد كان طلقها وأشهد على رجعتها فأتى بن عباس فسأله عن وتر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال بن عباس: ألا أدلك على اعلم أهل الأرض بوتر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: من؟ قال: عائشة فأتها فاسألها ثم ائتني فأخبرني بردها عليك فانطلقت إليها فأتيت على حكيم بن أفلح فاستلحقته إليها فقال ما أنا بقاربها لأني نهيتها أن تقول في هاتين الشيعتين شيئا فأبت فيهما إلا مضيا، قال: فأقسمت عليه فجاء فانطلقنا إلى عائشة فاستأذنا عليها فأذنت لنا فدخلنا عليها فقالت أحكيم فعرفته فقال: نعم، فقالت: من معك؟ قال: سعد بن هشام قالت: من هشام؟ قال: بن عامر فترحمت عليه وقالت: خيرا، قال قتادة: وكان أصيب يوم أحد فقلت: يا أم المؤمنين أنبئيني عن خلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قالت: ألست تقرأ القرآن؟ قلت: بلى، قالت: فإن خلق نبي الله -صلى الله عليه وسلم- كان القرآن، قال: فهممت أن أقوم ولا أسأل أحدا عن شيء حتى أموت ثم بدا لي، فقلت: أنبئيني عن قيام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: ألست تقرأ يا أيها المزمل؟ قلت: بلى، قالت: فإن الله عز وجل افترض قيام الليل في أول هذه السورة فقام نبي الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه حولا وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهرا في السماء حتى أنزل الله في آخر هذه التخفيف فصار قيام الليل تطوعا بعد فريضة، قال: قلت: يا أم المؤمنين أنبئيني عن وتر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالت: كنا نعد له سواكه وطهوره فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل فيتسوك تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة فيذكر الله ويحمده ويدعوه ثم ينهض ولا يسلم ثم يقوم فيصلي التاسعة ثم يذكر الله ويحمده ويدعوه ثم يسلم تسليما يسمعنا، ثم يصلي ركعتين بعدما يسلم وهو قاعد فتلك إحدى عشرة ركعة يا بني فلما سن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- وأخذه اللحم أوتر بسبع وصنع في الركعتين مثل صنيعه الأول فتلك تسع يا بنى وكان نبي الله -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى صلاة أحب أن يداوم عليها، وكان إذا غلبه نوم أو وجع عن قيام الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة، ولا اعلم نبي الله -صلى الله عليه وسلم- قرأ القرآن كله في ليلة ولا صلى ليلة إلى الصبح ولا صام شهرا إلا رمضان، قال: فانطلقت إلى ابن عباس فحدثته بحديثها، فقال: صدقت لو كنت أقربها أو أدخل عليها لأتيتها حتى تشافهني به قال: قلت: لو علمت أنك لا تدخل عليها ما حدثتك حديثها).
أخرجه البخاري في الصوم، والترمذي في الصلاة، الصوم عن رسول الله، والنسائي في السهو، قيام الليل وتطوع النهار، الصيام، وأبو داود في الطهارة، الصلاة، الصوم، وابن ماجة في إقامة الصلاة والسنة فيها، الصيام، الزهد، وأحمد في باقي مسند الأنصار، ومالك في الصيام، والدارمي في الصلاة.
أطراف الحديث: صلاة المسافرين وقصرها، الصيام.
معاني الألفاظ: الكراع: إسم يجمع الخيل، وقيل اسم يجمع الخيل و السلاح معاً. … الرهط: الجماعة من الرجال دون العشرة. … الشيعتين: الفرقتين من الناس. فهممت: من همَّ أي عزمت على الفعل. حولاً: عاماً. … فيبعثه: يوقظه من النوم. سنّ: كبر سنه. أخذه اللحم: كثر لحمه و ثقل جسمه. … تشافهني: تحدثني وجهاً لوجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>