للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بطلان عقد النكاح بفقدانه الشهود]

س: حدث أن عمي عقد لي بابنته ولم يشهد على هذا العقد إلا امرأة واحدة فقط ولم أدخل على زوجتي حتى اليوم حيث قيل لي بأن هذا العقد فاسد أفيدوني بالجواب الشافي؟

جـ: اعلم بأن العقد الصحيح للمرأة بالرجل لا بد فيه من اجتماع الاربعه الشروط المذكورة في كتب الفقه وهي:

الأول: أن يكون من الولي لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ) (١).

الثاني: أن يحضر شاهدان لا شاهداً واحداً أو شاهدة واحدة لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- ((لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل) الحديث صححه الألباني في صحيح الجامع الصغير برقم (٧٥٥٧) (٢).

الثالث: الرضاء من المرأة العاقلة البالغة ويعرف الرضاء والأذن من الثيب بالنطق بالأذن والرضاء من البكر فسكوتها يدل على الرضاء كما دل عليه الحديث المرفوع إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بلفظ (إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا تُنْكَحُ الْأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ إِذْنُهَا؟ قَالَ: أَنْ تَسْكُتَ).

الرابع: تعيين المرأة بالاسم أو بالصفة أو باللقب أو بالإضافة إذا كان ليس له بنت غيرها ليكون العقد لامرأة معروفة لا لمجهولة فإذا اجتمعت هذه الشروط الأربعة كان العقد صحيحاً شرعاً، وإذا فقد شرط من هذه الشروط الأربعة كان العقد غير صحيح شرعاً وها هنا قد فقد شرط واحد وهو عدم وجود الشاهدين حال العقد إن صح ما جاء في الاستفتاء وكانت ابنة هذا الرجل قد رضيت بك زوجاً وعبرت عن رضاها بالنطق إن كانت ثيباً أو بالسكوت إن كانت بكراً، وحيث قد فقد هذا الشرط فالنكاح يكون باطلاً عند بعض العلماء وفاسداً عند آخرين وهم الهادوية والزيدية الذين يقسمون عقد النكاح إلى ثلاثة أقسام:

صحيح: وهو ما جمع الشروط الاربعه المذكورة سابقاً وفاسد وهو ما اختل فيه شرط من شروط العقد الصحيح ولم يخرق الإجماع مثل ألا يكون العقد صادراً من الولي فإنه سيوافق قول أبي حنيفة الذي لا يشترط الولي أو مثل أن يكون العقد بلا شاهدين فإنه سيوافق قول مالك الذي لا يشترط الشاهدين في صحة عقد النكاح.

باطل: وهو ما اختل فيه شرط أو شرطان ولم يوافق قول عالم بل خرق الإجماع مثل أن يكون العقد بلا ولي ولا شاهدين فهو باطل لأن من اشترط الولي كمالك لم يشترط الشاهدين ومن اشترط الشاهدين كأبي حنيفة لم يشترط الولي ويقولون بجواز الدخول في العقد الفاسد وله حكم الصحيح في جميع أحكام العقد الصحيح كالإرث وجواز الوطء ولحاق النسب وغير ذلك إلا في أحكام محصورة مذكورة في كتب الفقه فلا يكون حكمه مثل العقد الصحيح وعلى هذا الأساس فهذا العقد الصادر من عمك يكون عند علماء الهادوية من عقود النكاح الفاسدة التي يجوز الدخول فيها وعند أهل القول الثاني من عقود النكاح الباطلة التي لا يجوز الدخول فيها، وحيث إنك إلى الآن لم تدخل بزوجتك هذه فالأحوط لك أن تجدد العقد بحضور شاهدين عدلين يشهدان على الإيجاب الذي سيصدر من الولي والقبول منك وبهذا يكون العقد صحيحاً مهما كانت المرأة راضية وذكرت حال العقد بالاسم أو بالوصف أو باللقب أو بالإضافة إلى الأب إذا لم تكن معه بنت غيرها وتكون هذه المرأة زوجتك على جميع الآراء الفقهية ومطابقاً للشروط التي دلت عليها الأحاديث الشريفة المذكورة في أول هذا الجواب.


(١) صحيح سنن الترمذي: سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- برقم (١١٠١).
(٢) سنن البيهقي: سبق ذكره في هذا الباب من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بتصحيح الألباني في صحيح الجامع الصغير برقم (٧٥٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>