للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث على أنه لا يشرع لمن يصلي في مؤخر الجامع الكبير أن يشكل صفاً إلا بعد أن تكمل الصفوف التي في المقدم، وهذه الأفعال التي استنكرتها هي قديمة وليست جديدة وقد استنكرها من قبلك العلامة المجتهد (محمد بن إسماعيل الأمير) الذي عاش في صنعاء في القرن الثاني عشر من الهجرة حيث قال في كتابه (سبل السلام) الذي ألفه قبل حوالي مائتين وسبعين عاماً عند ذكره الأحاديث المروية عن النبي -صلى الله عليه وسلم- الدالة على وجوب إقامة الصفوف وعلى وجوب المقاربة بين الصفوف ما نصه [وهذه الأحاديث والوعيد الذي فيها دالة على وجوب ذلك وهو مما تساهل فيه الناس كما تساهلوا فيما يفيده حديث أنس -صلى الله عليه وسلم- (أَتِمُّوا الصَّفَّ الْمُقَدَّمَ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ فَمَا كَانَ مِنْ نَقْصٍ فَلْيَكُنْ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ) أخرجه أبو داود فإنك ترى الناس يقومون في جماعة وهم يملئون الصف الأول لو قاموا فيه فإذا أقيمت الصلاة يتفرقون صفوفاً على اثنين وعلى ثلاثة ونحوه إلى آخر كلامه رحمه الله].

وبذلك تعرف أن الناس تعودوا على هذه العادة السيئة منذ سنين قديمه وتساهلوا في العمل بما تدل عليه الأحاديث النبوية الصحيحة في هذه المسألة التي يجب على من علم بها أن يعمل بما تدل عليه كما هو معلوم.

س: هل يجب على المصلين أن يملئوا الصفوف الأولى أم أنه لا يجب عليهم؟

جـ: اعلم بأن الواجب على من حضر جماعة الصلاة أن ينضم إلى الصف الأول وإذا قد كمل الصف الأول فينضم إلى الصف الثاني وهكذا ولا يصلي في الصف الأخير إلا إذا أكملت الصفوف الأولى لأن النبي عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام قد أمر بذلك في حديث (أَتِمُّوا الصَّفَّ الْأَوَّلَ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ)، ومن انضم إلى الصف الثاني ولم يكن الصف الأول قد كمل أو إلى الثالث ولم يكن الصف الثاني قد كمل أو انضم إلى الصف الأخير ولم يكن قد كمل الصف الذي قبله فقد خالف أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- في حديث (أَتِمُّوا الصَّفَّ الْأَوَّلَ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ، وَإِنْ كَانَ نَقْصٌ فَلْيَكُنْ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ) (١) أما صلاته فهي صحيحة.

[متابعة الإمام في مبطل تبطل صلاة المأمومين]

س: إذا نبَّه المأمومون الإمام على الزيادة فأصرَّ على ذلك، فهل صلاتهم باطلة؟

جـ: ينبه المأمومون الإمام على الزيادة فإن تنبه وإلا عزلوه وأتموا مفردين أو ينتظرونه حتى يفرغ ويسلم ويسلمون معه، أما إذا تابعوه في المبطل فصلاتهم باطله وصلاته صحيحة لأنه نسى وعليه سجود السهو وهم تابعوه وهم عارفون أنها زيادة فإذا تابعوه في المبطل فقد أبطلوا صلاتهم.

تحرم مسابقة الإمام أو مساواته أو التراخي عنه كثيراً

س: ما حكم من خالف الإمام سواء سبقه أم ساواه فهل صلاته باطلة بدلالة النهي المقتضية للفساد المرادف للبطلان بقوله -صلى الله عليه وسلم- (فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ)؟

جـ: الظاهر أن صلاته غير صحيحة لحديث (إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ) (٢).


(١) - سنن النسائي: سبق ذكره في هذا الباب من حديث انس رضي الله عنه برقم (٨٠٩)
(٢) صحيح البخاري: كتاب الأذان: باب إقامة الصلاة من تمام الصلاة. حديث رقم (٦٨٨) بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ، وَأَقِيمُوا الصَّفَّ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّ إِقَامَةَ الصَّفِّ مِنْ حُسْنِ الصَّلَاةِ)
أخرجه مسلم في الصلاة، والترمذي في الصلاة، والنسائي في الإقامة، وأبو داود في الصلاة، وابن ماجة في إقامة الصلاة والسنة فيها، وأحمد في باقي مسند المكثرين، ومالك في النداء للصلاة، والدارمي في الصلاة.
أطراف الحديث: الجمعة، الصوم.
معاني الألفاظ: جحش: خدش. آلى: حلف، وهنا حلف صلى الله عليه وسلم الا يدخل على نسائه شهرا. يؤم: يقتدى.

<<  <  ج: ص:  >  >>