للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ} (١) من جميع التائبين كائنين من كانوا.

الحق الثاني: حق ورثة المقتول وهم أولياء الدم حيث ولهم الحق في المطالبة بالقصاص أو بالدية بدليل قوله تعالى {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا} (٢) وبدليل الأحاديث الواردة في كتب السنة المطهرة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، وتوبة القاتل بالنسبة إليهم هو أن يصل إليهم نادماً مقراً معترفاً تائباً يرجو منهم العفو مجاناً أو العفو وأخذ الدية أو القصاص، فإن طلبوا من القاتل القصاص وعفا البعض عن الدية برئت ذمته من الدية ومن القصاص بالنسبة إليهم وإن عفا البعض عن القصاص وطلب الدية أو عفا عن القصاص والدية ولم يعف الآخرون وطالبوا بالقصاص سقط القصاص حتى ولو كان الذي عفا عن القصاص شخص واحد فإنه بمجرد عفوه يسقط القصاص مطلقاً سواء كان الشخص الذي عفا رجلاً أم امرأة هذا كله بالنسبة إلى أولياء الدم، أما بالنسبة إلى المقتول فالحق الذي له يبقى إلى يوم القيامة وفي يوم القيامة يصلح الله بينهما ويعفى المقتول عمن قتله ويعوض الله المقتول عن عفوه لأخيه إن خلصت توبة القاتل وإلاَّ عذب بحق أخيه وحق الله كما قاله العلامة المجتهد الكبير (محمد بن اسماعيل الأمير) في منحة الغفار حاشية ضوء النهار.

[جواز القصاص في الأعضاء والجروح]

س: هل يثبت القصاص في الأعضاء والجروح؟

جـ: نعم، يثبت القصاص في الأعضاء والجروح لقوله تعالى {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} (٣) ولكن القضاة في هذه الأيام لا يطبقون القصاص في الجروح خوفاً من السريان ولعدم التمكن أو القدرة من المساواة في القصاص، ففي الغالب يُعدل إلى أرش الجروح أي أن الجنايات والقصاص في الأعضاء والجروح ثابت وجائز بشرط أن يؤمن عدم السراية.

نَسخت الآية {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} حديث ((أن رجلاً قتل مائة نفس))

س: كيف نجمع بين قوله تعالى {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (٤) والحديث (كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِنْسَانًا ثُمَّ خَرَجَ يَسْأَلُ فَأَتَى رَاهِبًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ لَهُ هل مِنْ تَوْبَةٍ قَالَ: لَا، فَقَتَلَهُ، فَجَعَلَ يَسْأَلُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ ائْتِ قَرْيَةَ كَذَا وَكَذَا فَأَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَنَاءَ بِصَدْرِهِ نَحْوَهَا، فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَقَرَّبِي وَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَبَاعَدِي، وَقَالَ قِيسُوا مَا بَيْنَهُمَا فَوُجِدَ إِلَى هَذِهِ أَقْرَبَ بِشِبْرٍ فَغُفِرَ لَهُ) (٥)؟


(١) - غافر): ٢).
(٢) - الإسراء: (٣٣).
(٣) المائدة: آية (٤٥).
(٤) - النساء: (٩٣).
(٥) - صحيح البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء: باب حديث الغار. حديث رقم (٣٢١١) بلفظ (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِنْسَانًا ثُمَّ خَرَجَ يَسْأَلُ فَأَتَى رَاهِبًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ لَهُ هَلْ مِنْ تَوْبَةٍ قَالَ: لَا، فَقَتَلَهُ، فَجَعَلَ يَسْأَلُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ ائْتِ قَرْيَةَ كَذَا وَكَذَا فَأَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَنَاءَ بِصَدْرِهِ نَحْوَهَا، فَاخْتَصَمَت فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَقَرَّبِي وَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَبَاعَدِي، وَقَالَ قِيسُوا مَا بَيْنَهُمَا فَوُجِدَ إِلَى هَذِهِ أَقْرَبَ بِشِبْرٍ فَغُفِرَ لَهُ).
أخرجه مسلم في التوبة، وابن ماجة في الديات، وأحمد في باقي مسند المكثرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>