للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاستَقْبَلَهُ قَائِمًا فَقَالَ: يَا رَسولَ اللَّهِ هَلَكَتْ الْأَمْوَالُ، وَانْقَطَعَتْ السبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُمْسكْهَا عَنَّا) (١) ومن سيرة الخلفاء الراشدين أن الخليفة كان هو الذي يصلي بالناس ويخطب خطبتي الجمعة أو العيد، وهكذا من سيرة من جاؤا من بعدهم كما لا يخفى على من كان له اطلاع على كتب التاريخ وسير الأولين من الخلفاء.

[جواز إمامة غير الخطيب في صلاة الجمعة بإذن الخطيب]

س: هل يجوز أن يؤم في صلاة الجمعة شخص آخر غير الذي كان يقوم بالخطبة وخصوصاً إذا كان يجيد قراءة القرآن الكريم وبعد أن يسمح له الخطيب بذلك أم أنه لا يجوز لغير الخطيب أن يؤم المصلين؟

جـ: اعلم بأنه لا مانع لمن يريد أن يصلي بالناس صلاة الجمعة أن يصلي بهم إذا كان الخطيب قد أذن له بأن يتقدم للصلاة بالمصلين بدلاً عنه، وهذا مبني على أن هذا الذي يؤم الناس ممن يحسن تلاوة القرآن و كان المصلون أو أكثرهم راضين بأن يؤمهم للصلاة، أما إذا كان لا يحسن تلاوة القرآن أو كان المصلون أو أكثرهم يكرهون الصلاة خلف هذا الرجل فالواجب على الخطيب أن يصلي هو بالناس فإذا كان يريد أن ينيب أحداً فليكن نائبه ممن يحسن قراءة القرآن الكريم لحديث (يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَة، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا) (٢) و ممن لا يكره المصلون أو أكثرهم الصلاة خلفه لحديث (ثَلَاثَةٌ لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ آذَانَهُمْ: الْعَبْدُ الْآبِقُ حَتَّى يَرْجِعَ، وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ، وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ) (٣)، هذا كله من باب الاحتياط إذا صادف أن أحداً من الخطباء أراد أن ينيب أماماً يصلي بالناس الجمعة بدلاً عنه أو نيابة عنه.

[تحريم تسمية آخر جمعة من شهر رمضان بجمعة القضاء]

س: ما وجه تسمية آخر جمعة من رمضان باسم جمعة القضاء؟

جـ: كثيراً ما سئلت عن وجه تسمية آخر جمعة من رمضان باسم جمعة القضاء وعما قيل عن هذا الاسم أنه مشتق من القضاء ضد الأداء لأن في هذا اليوم تقضى الصلوات الفائتة أو المؤجلة في العام الماضي لأجل ذلك سميت هذه الجمعة جمعة القضاء بهذا الاسم الغريب كما سئلت أيضاً عن قضاء الصلوات في هذا اليوم هل له أصل في كتب الفقه أو في كتب السنة النبوية المطهرة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام؟

والحقيقة: أنه لا وجه لتسمية الناس لهذا اليوم بهذا الاسم الغريب ولا يجوز لأحد أن يسمى هذا اليوم باسم جمعة القضاء لأن هذا الاسم لم يدل عليه دليل من اللغة ولا من الشرع ولا سيما أنه قد يوهم الجاهل أنه من الممكن أن يترك المسلم الصلاة أو إحدى الصلوات أو كلها على أساس أن يقضيها في هذا اليوم الذي قد سموه


(١) صحيح البخاري: سبق ذكره في هذا الباب من حديث أنس بن مالك رضي الله رضي الله عنه برقم (٦٨٢).
(٢) - صحيح مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة: باب من أحق بالإمامة. حديث رقم (١٥٣٠) بلفظ (عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَة، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا، وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ).
أخرجه الترمذي في الصلاة، والنسائي في الإمامة، وأبو داود في الصلاة، وابن ماجة في إقامة الصلاة والسنة فيها، وأحمد في مسند الشاميين.
(٣) - سنن الترمذي: كتاب الصلاة: بَابُ مَا جاءَ مَنْ أَمَّ قَوْماً وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ. حديث رقم (٣٢٨) بلفظ (حَدَّثَنَا أَبُو غَالِبٍ قَال: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ثَلَاثَةٌ لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ آذَانَهُمْ: الْعَبْدُ الْآبِقُ حَتَّى يَرْجِعَ، وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ، وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ) حسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي برقم (٣٦٠).
انفرد به الترمذي.
معاني الألفاظ: تجاوز: لا تقبل ولا ترفع إلى الله. … الآبق: العبد الذي يهرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>