للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب الثاني: مبطلات الصوم]

[الإمناء في نهار رمضان مبطل للصوم]

س: هل الإمناء مبطل للصوم؟ وهل الاستمناء باليد ونحوها من المحرمات أو من المباحات في وقت غير الصوم؟

جـ: إذا أمنى وهو صائم في يقظة فإنَّه يفطر لأن العلة الإمناء سواء كان بتفكر أو بمداعبة أهله أو بأيِّ شيء، وقد اختلف العلماء في حكم الاستمناء من حيث هو، هل هو محرم أو مباح أو مكروه، وممن حرَّمه (محمد الأمين الشنقيطي) وقد استدل على تحريمه بقوله تعالى {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٢٩) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} (١) وهذه العملية ليست بزوجة ولا أمة فهو حرام، والشوكاني قال: يجوز الاستمناء لأنه مثل الحجامة والمراد منه إخراج فضلات من الجسم، وقال الألباني يجوز لمن كان قد صام بمقتضى إرشاد النبي في حديث (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ) (٢) ولم يؤثِّر الصوم في ضعف شهوته، وقال بعضهم الاستمناء جائز لمن يخشى على نفسه الزنا للضرورة.

س: ما حكم الاستمناء والإمذاء في نهار رمضان؟

جـ: الاستمناء من حيث هو فيه خلاف بين العلماء هل هو جائز أو محرم، وهذا الاستمناء هو ما يسمى بـ (العادة السرية) ويسمى أيضاً بـ (جلد عميرة) وقد ألف العلماء فيه مؤلفات خاصة فمنهم من ألف في حكمه ورجح الإباحة كالشوكاني في مؤلفه (بلوغ المنا في حكم الاستمناء) التي قد طبعت ولم يسلم له بعض العلماء المعاصرين ما قال به من ترجح الإباحة على التحريم، ومنهم من رجح التحريم كالغماري الذي أخرج رسالة في الموضوع ورجح التحريم، ومن العلماء من ذهب إلى التفصيل وقال إن كان يخشى على نفسه الوقوع في المحرم وهو الزنا إن لم يستمن فهو جائز وإن كان لا يخشى على نفسه الوقوع في الزنا فهو غير جائز، كما أن بعضهم فصل في المسألة قائلاً إن كان قد عمل على ما أوصى به النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ) وهو الصوم ولم ينفعه الصوم فلا مانع له من استعمال هذه العادة للضرورة وإلا فلا يجوز له استعمالها قبل أن يصوم ومن شاء زيادة في معرفة ما قيل حول هذا الموضوع فليطلع على ما قاله العلامة الشنقيطي في تفسير سورة (المؤمنون) من كتابه أضواء البيان وما قاله الغماري في مؤلفه المشهور، وهكذا ما قاله الشوكاني في رسالته المذكورة (بلوغ المنى) وما علق عليه ناشرها (سلمان حسن مشهور) من الكلام الرصين والتعليق المبين.

وأنا أرى أنه إذا لم يكن من الأمور المحرمة فهو من الأمور المشتبهات، والمؤمنون وقًّاَفُّون عند الشبهات لحديث (الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ، فَمَنْ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ


(١) المؤمنون: (٦).
(٢) - صحيح البخاري: كتاب النكاح: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم من استطاع. حديث رقم (٤٦٧٧) بلفظ (عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ فَلَقِيَهُ عُثْمَانُ بِمِنًى فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً فَخَلَوَا، فَقَالَ عُثْمَانُ: هَلْ لَكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي أَنْ نُزَوِّجَكَ بِكْرًا تُذَكِّرُكَ مَا كُنْتَ تَعْهَدُ؟ فَلَمَّا رَأَى عَبْدُ اللَّهِ أَنْ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ إِلَى هَذَا أَشَارَ إِلَيَّ، فَقَالَ: يَا عَلْقَمَةُ فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ: أَمَا لَئِنْ قُلْتَ ذَلِكَ، لَقَدْ قَالَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ)
أخرجه مسلم في النكاح، والترمذي في النكاح، والنسائي في النكاح، وأبوداود في النكاح، وأحمد في مسند المكثرين، والدارمي في النكاح.
معاني الألفاظ: الباءة: تكاليف الزواج والقدرة عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>