للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب السابع: الإجارة]

[شروط الإجارة]

س: ما هي شروط الإجارة؟

جـ: يجب أن تكون الإجارة على شيء جائز وأن تكون الإجارة معلومة لدى المؤجر والمستأجر.

[جواز أخذ الأجرة على تلاوة القرآن الكريم]

س: ما حكم أخذ الأجرة على تلاوة القرآن الكريم؟

جـ: هي جائزة لحديث (إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ) (١) وفيه دليل على جواز أخذ الأجرة على تلاوة القرآن الكريم، وقد ألف العلامة المجتهد (محمد إسماعيل الأمير) رحمه الله رسالة قيمة رجح فيها الجواز وسماها (إقامة الحجة والبرهان على جواز أخذ الأجرة لتلاوة القرآن) فمن أحب الإطلاع عليها فلا مانع له، فقد طبعت مرتين ثم له حق أن يقتنع بما فيها وله الحق أن يرد عليها رداً علمياً بالأدلة الشرعية والقواعد المرعية.

س: ما حكم من يؤجر على قراءة سورة (يس) عند الموت؟

جـ: العلماء اختلفوا في حكم أخذ الأجرة على تلاوة القرآن فمن العلماء من منعه ومنهم من أجازه، وقد احتج المانعون من أخذ الأجرة على تلاوة القرآن بأن ذلك من باب الرياء وهو محرم شرعاً وأجيب عن هذا الاحتجاج بأنه في غير محله وخارج عن النزاع لأن الرياء من أفعال القلب وهو فعل الأمر المستحسن ليراه غير الفاعل فيثني عليه أو فعل يفيد الطاعة أو ترك المعصية مريداً بذلك حصول شرف في الدنيا، فأين الرياء هذا من تلاوة القرآن بأجرة معلومة قد أجاز أخذها الرسول -صلى الله عليه وسلم- كما سيأتي؟! كما احتجوا أيضاً بحديث عمران ابن حصين مرفوعاً إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (اقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَسَلُوا اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِهِ، فَإِنَّ مِنْ بَعْدِكُمْ قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ بِهِ) (٢) أخرجه أحمد وأبو يعلى والطبراني والبيهقي، وأجيب عنه بأن هذا الحديث دليل على تحريم تلاوة القرآن للاستجداء وسؤال المخلوقين كما يفعله بعض القراء الذين يتلون القرآن في أبواب المساجد ليعطيهم الناس صدقة، ولا يدل على تحريم تلاوة القرآن بالأجرة لا بالمطابقة ولا بالالتزام ولا بالتضمن ولا بالمفهوم ولا بالمنطوق، واحتجوا بحديث أبي سعيد مرفوعاً عند أبي نصر والبيهقي (تعلموا القرآن وسلوا به الجنة قبل أن يتعلم قوم يسألون به الدنيا، فإن القرآن يتعلمه ثلاثة: رجل يباهي به، ورجل يستأكل به، ورجل يقرأ لله -عز وجل- (٣)،


(١) - صحيح البخاري: كتاب الطب: باب الشرط في الرقية بقطيع من الغنم. حديث رقم (٥٤٠٥) بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرُّوا بِمَاءٍ فِيهِمْ لَدِيغٌ أَوْ سَلِيمٌ فَعَرَضَ لَهُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَاءِ، فَقَالَ: هَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ؟ إِنَّ فِي الْمَاءِ رَجُلًا لَدِيغًا أَوْ سَلِيمًا، فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ عَلَى شَاءٍ فَبَرَأَ فَجَاءَ بِالشَّاءِ إِلَى أَصْحَابِهِ فَكَرِهُوا ذَلِكَ، وَقَالُوا: أَخَذْتَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخَذَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ).
انفرد به البخاري.
(٢) مسند أحمد: أول مسند البصريين: حديث عمران بن حصين. حديث رقم (١٩٠٩٣) بلفظ (عَنِ الْحَسَنِ قَالَ كُنْتُ أَمْشِي مَعَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَحَدُنَا آخِذٌ بِيَدِ صَاحِبِهِ فَمَرَرْنَا بِسَائِلٍ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَاحْتَبَسَنِي عِمْرَانُ وَقَالَ قِفْ نَسْتَمِعْ الْقُرْآنَ فَلَمَّا فَرَغَ سَأَلَ، فَقَالَ عِمْرَانُ: انْطَلِقْ بِنَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: اقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَسَلُوا اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِهِ، فَإِنَّ مِنْ بَعْدِكُمْ قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ بِهِ) صححه الألباني في صحيح الجامع الصغير برقم (١١٠٦٩).
(٣) سنن البيهقي: شعب الإيمان: حديث رقم (٢٦٣٠) بلفظ (عن أبي سعيد الخدري أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: تعلموا القرآن وسلوا به الجنة قبل أن يتعلم قوم يسألون به الدنيا، فإن القرآن يتعلمه ثلاثة: رجل يباهي به، ورجل يستأكل به، ورجل يقرأ لله -عز وجل-.

<<  <  ج: ص:  >  >>