للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلها (موضوعة) كما صرح بذلك (الألباني) في ضعيف الجامع الصغير وفي الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وأما حديث (من لم يكن معه صدقه فليلعن اليهود) فهو أيضا غير صحيح كما قال (الحوت البيروتي) في أسنى المطالب وغيره من المحدثين.

[س: ما مدى صحة حديث (لولا أنكم تذنبون لأتى الله بأناس يذنبون فيستغفرون الله ويطلبون الرضا منه عزوجل فيغفر لهم المولى)؟]

جـ: اعلم أن حديث (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ) حديث صحيح أخرجه مسلم من رواية أبي هريرة رضي الله عنه، وأخرج (أحمد) و (أبو يعلى) من حديث (أنس بن مالك) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (والذي نفسي بيده لو أخطأتم حتى تملأ خطاياكم ما بين السماء والأرض ثم استغفرتم الله لغفر لكم، والذي نفس محمد بيده لو لم تخطئوا لجاء بقوم يخطئون ثم يستغفرون فيغفر لهم) وفي الباب عدة أحاديث عن (ابن عمر) و (ابن عباس) و (أبي سعيد الخدري) ولعل الخطأ المقصود به هنا الخطأ ضد الصواب لا الخطأ ضد العمد لأن الذي ضد العمد قد عفا الله عنه، وفي هذا الحديث دليل على كثرة الخطايا من بني الإنسان وهو أمر جبلي وقد خلقهم الله على ذلك وأمرهم بالخير ونهاهم عن الشر، والعصمة لا تكون إلا للأنبياء وفي هذا الحديث إرشاد للناس إلى الاستغفار لأنه رافع للذنب كما قال تعالى {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} (١) وقوله تعالى {وَالَّذِينَ إِذَا … فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (٢) وقوله تعالى {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ … اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (٣).

[س: هل صحيح أن النبي قال (لولا حوى لم تخن أنثى زوجها) وما معناه؟]

جـ: أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة مرفوعاً أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال (لَوْلَا بَنُو إِسْرَائِيلَ لَمْ يَخْنَزْ اللَّحْمُ، وَلَوْلَا حَوَّاءُ لَمْ تَخُنْ أُنْثَى زَوْجَهَا الدَّهْرَ) (٤) ومعنى قوله يخبث الطعام لم يتغير ريحه ومعنى قوله لم يخنز اللحم لم يتغير ولم ينتن، قال (المناوي) يعني لولا أنهم (أي بنو اسرائيل سنوا ادخار اللحم حتى خنز لما ادخر لحم يخنز) قال فهو إشارة إلى أن خنز اللحم شيء عوقب به بنو إسرائيل بكفرانهم نعمة ربهم حيث ادخروا السلوى فنتن وقد نهاهم عن الادخار ولم يكن ينتن قبل ذلك، وفي بعض الكتب الإلهية لولا أني كتبت الفساد على الطعام لخزنه الأغنياء عن الفقراء، كما قال أيضا في معنى (وَلَوْلَا حَوَّاءُ لَمْ تَخُنْ أُنْثَى زَوْجَهَا الدَّهْرَ) معللاً الخيانة من النساء لأنها (أي حوى) أم النساء فأشبهنها ولولا أنها سنت هذه السنة لما سلكتها أنثى مع زوجها فإن البادي بالشيء كالسبب الحامل لغيره على الإتيان به فلما خانت سرت في بناتها الخيانة فقلما تسلم امرأة من خيانة زوجها بفعل أو قول وليس المراد بالخيانة الزنا حاشا وكلا لكن لما مالت إلى شهوة


(١) - سورة النساء آية ١١٠.
(٢) - سورة آل عمران آية ١٣٥.
(٣) - سورة الأنفال آية ٣٣.
(٤) - صحيح البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء: باب خلق آدم وذريته. حديث رقم (٣٠٨٣) بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْلَا بَنُو إِسْرَائِيلَ لَمْ يَخْنَزْ اللَّحْمُ، وَلَوْلَا حَوَّاءُ لَمْ تَخُنْ أُنْثَى زَوْجَهَا الدَّهْرَ).
أخرجه مسلم في الرضاع، وأحمد في باقي مسند المكثرين.
أطراف الحديث: أحاديث الأنبياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>