إسحاق بلفظ (وحضرت العشاء) ثم قال (ابن حجر) ثم راجعت (مصنف ابن أبي شيبة) فرأيت الحديث فيه كما أخرجه أحمد، وبناءً على ذلك فلعل (الحلبي) توهم وهماً (أن ابن أبي شيبة) رواه باللفظ المشهور عند الناس الذي لا أصل له بهذا اللفظ في كتب الحديث، أو لعله اعتمد على نسخة من نسخ المصنف غير صحيحة، ومهما يكن من شئ فالذي يكون الاعتماد عليه هو كلام الحافظ (ابن حجر العسقلاني) فهو أرجح من كلام (الحلبي) رحمه الله عند تعارض النقلين عن مصنف (ابن أبي شيبة) رحمه الله (إذا قالت حذام فصدقوها فإن القول ما قالت حذام).
والخلاصة لما جاء في كلامي هذا ينحصر فيما يلي:
١. لا وجود لهذا الحديث بلفظ (إذا حضر العشاء وحضرت العشاء فابدءوا بالعشاء) في كتب السنة كما قال العراقي وتابعه من جاء بعده من الحفاظ وعلى رأسهم تلميذه (العسقلاني) ثم تلميذ تلميذه (السخاوي) ثم تلميذ (السخاوي)(الديبع) كما تابعه أيضا (السيوطي) و (العجلوني) و (ابن طاهر الفتني) و (القاري) و (الشوكاني) وغيرهم.
٢. قد ورد في البخاري ومسلم بلفظ أعم وأشمل وهو حديث (إِذَا وُضِعَ الْعَشَاءُ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ) لأن لفظة (الصَّلَاةُ) ها هنا تعم المغرب والعشاء.
٣. قد ورد في الصحيح حديث آخر دال على هذا المعنى بلفظ أعم من الحديث السابق وهو حديث (لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ) الذي شمل جميع الفرائض والسنن والنوافل كما شمل طعام العشاء وغيره.
٤. من روى عن (مصنف ابن أبي شيبة) أنه أخرج الحديث بلفظ (إذا حضر العشاء وحضرت العشاء فابدأوا بالعشاء) فهو غالط فهذا الحديث بهذا اللفظ المسجوع لا وجود له في (مصنف ابن أبي شيبة) أصلاً والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.
[س: هل حديث (إذا كان آخر الزمان واختلف الأهواء فعليكم بدين أهل البادية والنساء) حديث صحيح؟]
جـ: هذا الحديث هو من الأحاديث التي ذكرها (السيوطي) في جامعه الصغير وهي من الأحاديث المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حديث (إذا كان آخر الزمان واختلف الأهواء فعليكم بدين أهل البادية والنساء) هو حديث موضوع لأن في سنده (محمد بن عبدالرحمن السليماني) وهو من الوضاعين على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال (ابن طاهر المقدسي) له نسخة ألهم بوضعها وقال (السخاوي) حدث عن أبيه بـ (٢٠٠) حديث كلها موضوعة لا يحل ذكرها إلا على وجه التعجب، ولقد عدّ هذا الحديث من الموضوعات جماعة من الحفاظ الذين ألفوا في الموضوعات وذلك كـ (الصاغاني) و (ابن طاهر) المقدسي و (ابن الجوزي) وأقره (السيوطي) نفسه في (اللئالئ المصنوعة) كما أقرهما (ابن عراق الكناني) في (تنزيه الشريعة المرفوعة) وهكذا حكم بوضعه (الملا على القاري) في كتاب (الأسرار المرفوعة) و (الألباني) في كتاب (سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة).
والخلاصة: أن (السيوطي) التزم في (الجامع الصغير) أن لا يذكر فيه الموضوع في حين أن هذا الحديث موضوع باعترافه.