للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك اللعن كان في أول الإسلام عند أن كان النبي ينهى الرجال والنساء عن زيارة القبور ثم نسخ ذلك النهي بالإذن بالزيارة للموتى قائلاً (نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا) (١) والدليل على أن (اللعن للزائرات) كان متقدماً ما صرحت به عائشة في حديثها السابق حيث قالت نعم ثم أذن بذلك والحديث أخرجه الترمذي وصححه الذهبي وهكذا مما يدل على أن (اللعن) كان في أول الإسلام عند أن كانت الزيارة محرمة للرجال والنساء وأن في الحديث الذي علم النبي فيه عائشة ما يدل على أن التعليم لها كيفية الزيارة كان بعد ذلك فيكون ناسخاً.

س: هناك من يستدل على منع زيارة النساء للقبور بعمل عائشة حينما كانت تحتجب بعد دفن عمر -رضي الله عنه- في بيتها، ما قولكم في ذلك؟

جـ: زيارة النساء مشروعه للاتعاظ والاعتبار بشرط عدم النياحة والتكشف أمام الأجانب من الأحياء، أما عمل عائشة فهو تأدباً منها، وليس فيه دليل على مشروعية احتجاب المرأة من المقبورين الأجانب عنها.

[تحريم زيارة القبور المشهورة بأنها قبور أولياء بقصد الاستغاثة بأصحابها]

س: هل تجوز زيارة القبور المشهورة بين الناس بأنها قبور أولياء؟

جـ: أما الجواب عن زيارة قبور الأولياء فإن كانت الزيارة هذه بقصد الاعتبار والدعاء للميت فهي مشروعه بدليل ما جاء في الحديث الصحيح المرفوع إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال (قَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، فَقَدْ أُذِنَ لِمُحَمَّدٍ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ أُمِّهِ، فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ) (٢) وإن كانت هذه الزيارة للأولياء بقصد العقيدة في صاحب القبر وأنه ينفع أو يضر فهذا لا يجوز شرعاً وهو محرم قطعاً كما سبق الفتوى مني بذلك عدة مرات، وكما نص عليه شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب (التوسل والوسيلة) وابن القيم في (زاد المعاد) وابن عبد الهادي في (الصارم المنكي في الرد على السبكي) والأمير في (تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد) والشوكاني في (الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد) وصِدِّيق حسن خان القنوجي في كتاب (الدين الخالص) وغيرهم من العلماء المحققين والأئمة المجددين الذي نصوا على تحريم زيارة القبور بقصد الاعتقاد بأنها تنفع أو تضر.

جواز السلام على القبور سراً أو جهراً

س: هل يكون السلام على القبور سراً أو جهراً؟

جـ: إن أراد أن يقوله سراً أو جهراً فهو جائز لكن إن كان يريد سراً فليجهر حتى يسمع نفسه.

س: هل صحيح بأن أهل القبور يردون السلام على من يسلم عليهم من الأحياء؟ وهل صحيح أنهم يسمعون قرع


(١) صحيح مسلم: كتاب الجنائز: باب استئذان النبي ربه عز وجل في زيارة قبر أمه. حديث رقم (١٦٢٣) بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا، وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ، وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ النَّبِيذِ إِلَّا فِي سِقَاءٍ فَاشْرَبُوا فِي الْأَسْقِيَةِ كُلِّهَا وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا).
أخرجه النسائي في الجنائز، الضحايا، الأشربة، وأبو داود في الجنائز، الأشربة، وأحمد في باقي مسند الأنصار.
أطراف الحديث: الأضاحي، الأشربة.
معاني الألفاظ: النبيذ: شراب حلو يتخذ غالباً من التمر. السقا: ءوعاء يوضع فيه الشراب.
(٢) سنن الترمذي: كتاب الجنائز: باب ماجاء في الرخصة في زيارة القبور، حديث رقم (٩٧٤) بلفظ (عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، فَقَدْ أُذِنَ لِمُحَمَّدٍ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ أُمِّهِ، فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ)
أخرجه مسلم في الجنائز، والنسائي في الحنائز، وأبوداود في الأشربة.

<<  <  ج: ص:  >  >>