للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأن الرسول قد صرح بأنه ليس بدواء ولكنه داء فكيف يجوز لنا بعد قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه ليس بدواء ولكنه داء أن نقول بجواز التداوي به إذا كان الطبيب قد قرر لأيِّ مريض علاجاً من الأشربة المسكرة التي يسمونها (كحوليه) على أن هناك أدلة أخرى تدل على عدم جواز التداوي بالمسكر غير ما تقدم من النصوص ألا وهي سد الذريعة ولأن في القول بإباحة التداوي بالمسكر ذريعة إلى تناولها وإلى ممارسة شربها ولو من غير ضرورة لأننا نخشى على من يتعالج بالمسكرات في حال مرضه أن يعتاد ممارسة شربها فلا يمضي عليه أياماً حتى يصبح من عشاقها ومن المعتادين لشربها ثم لا يمضي عليه شهر أو شهور حتى يكون في عداد شاربي المسكرات.

والخلاصة: أن التداوي بالخمر حرام، حرام، حرام، وقد تكلمت بنحو هذا في كتاب الأطعمة والأشربة.

س: هل يجوز لأحد من المسلمين المرضى أن يتعالج بمسكر للضرورة إذا كان الطبيب المختص قد قرر للمريض علاجاً مسكراً مفيداً في قراره أن الضرورة تستدعي ذلك العلاج المسكر وأنه لا علاج للمرضى غير هذا المسكر وهل يجوز لأحد من الناس أن يجعل هذه المسألة من باب الضرورات تبيح المحظورات؟

جـ: اعلم أنه لا يجوز لأحد من الناس التداوي بالخمر مطلقاً سواء كان قليلاً أو كثيراً وذلك لكون شرب الخمر محرًماً تحريماً قطعياً بالأدلة المتواترة الواردة في القرآن الكريم وفي السنة النبوية المطهرة وأجمع على هذا التحريم العلماء المجتهدون من أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم من عصر النبوة إلى عصرنا هذا كما جاء النص من النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالنهي عن التداوي بالحرام كما في حديث أبي الدرداء مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال (إن الله أنزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواء ولا تتداووا بالحرام) (١) أخرجه أبو داود والخمر من أعظم المحرمات ومن أكبر الكبائر المحظورات، وهكذا جاء النص بالنهي عن التداوي بالخبيث كما في حديث أبي هريرة مرفوعاً عند أبي داود والترمذي وأحمد والخمر خبيث بل هو من أخبث الخبائث وقد سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن التداوي بالخمر الصحابي (طارق بن سويد) فنهاه النبي عن ذلك أو كره له أن يصنعها ولما راجعه السائل بأنه إنما يصنعها للدواء أجابةُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنه (ليس بدواء ولكنه داء) كما في صحيح مسلم وسنن أبي داود والترمذي من حديث الصحابي المذكور، وقد روي عن بعض العلماء أنه أجاز التداوي بالخمر للضرورة إذا قرر الطبيب الماهر المختص إسعافه بشيء من الخمر وهذا مخالف لنص الحديث الصحيح الصريح الدال على أنه ليس بدواء بل هو داء.

س: هل يجوز شرب الخمر لضرورة العطش؟

جـ: شرب الخمر حرام، ولا ضرورة إلا إذا كان الشخص سيموت من العطش فيشرب قطره أو نحوها مما يدفع ضرورة الهلاك ولا يشرب حتى يرتوى لأنه حرام، والضرورة تقدر بقدرها.

[تحريم التداوي بلحم الخنزير]

س: هل يجوز التداوي بالحرام مثل لحم الخنزير أم لا؟

جـ: إن الشرع الإسلامي لا يجوِّز التداوي بمحرًم شرعاً والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن التداوي


(١) صحيح مسلم: كتاب الأشربة: باب تحريم التداوي بالخمر. حديث رقم (٣٦٧٠) بلفظ: (عن علقمة بن وائل عن أبيه وائل الحضرمي أن طارق بن سويد الجعفي سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر فنهاه أو كره أن يصنعها فقال إنما أصنعها للدواء فقال إنه ليس بدواء ولكنه داء).
أخرجه الترمذي في الطب، وأبو داود في الطب، وأحمد في مسند الكوفيين، ومسند القبائل

<<  <  ج: ص:  >  >>