للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة من أمور الدنيا مثل الطيب والنساء، أي أن هذه المسألة من مسائل علم الحديث النبوي فكلام علماء الحديث المختصين الذين ذكرتهم آنفاً مقدم على ما أدرجه الغزالي والزمخشري في كتابهما من زيادة لفظة ثلاث في هذا الحديث لأنهم أي أصحاب الحديث أصحاب الفن الذي ما هذه المسألة إلا جزءً من مسائله اللاتي لا تعد ولا تحصى، وهم أعلم من الغزالي في علم الحديث ومن الزمخشري أيضا وأكثر منهما حفظاً وتحقيقاً واطلاعاً على ما ألفه حفاظ السنة من أصحاب الصحاح والسنن والمسندات والمسانيد والمعاجم وغيرهم، كما أن الإمام الغزالي من علماء الفقه والأصول والتوحيد والتصوف الكبار وممن أجمع العلماء على تقدمه وتحقيقه في هذه الفنون جميعها ولا سيما التصوف الحقيقي فهو إمامه الذي لا يختلف فيه اثنان، و (كتابه الإحياء أحسن كتاب أخرج للناس في علم التصوف الحق) ولكنه لم يكن من علماء الحديث ولا من حفاظ السنة، وكتابه (الإحياء) قد جمع المئات من الأحاديث الموضوعة أو التي لا أصل لها كما لا يخفى على من اطلع على تخريجه الذي ألفه الحافظ العراقي رحمه الله، وهكذا الإمام الزمخشري هو من أكبر أئمة اللغة العربية وهو المبرز في معرفة النحو والصرف والبلاغة والذي لا يقدر أحد من الحفاظ المذكورين آنفاً أن يأتوا بمثل ما أتى في كشافه من أسرار اللغة العربية ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً ولكنه في نفس الوقت ليس من علماء الحديث ولا من المبرزين في علوم السنة النبوية على صاحبها وعلى آله أفضل الصلاة والسلام، وعلى هذا الأساس لا يكون كلامهما أرجح من كلام الحفاظ في مسألة هي من صميم اختصاص علماء الحديث وهكذا نقول لو تعارض كلام هؤلاء الحفاظ مع كلام للزمخشري مثلاً في مسألة هي من مسائل اللغة العربية فنفى الزمخشري وجودها وأثبتها (ابن حجر والسخاوي) لكان كلام الزمخشري أرجح من كلام (ابن حجر أو السخاوي) وغيرهما، وإن كان الزمخشري نافياً وغيره مثبتاً لأن الزمخشري ها هنا هو المختص بمثل ذلك وأحق من غيره بالعمل بموجب ما قاله في المسألة التي هي جزء من العلوم التي يعرفها الزمخشري أكثر من غيره من العلماء المتخصصين في علوم الحديث، مثل (ابن حجر وغيره من حفاظ السنة النبوية) على صاحبها وعلى آله أفضل الصلاة والسلام.

والخلاصة: لما جاء في جوابي هذا ينحصر فيما يلي:

١ - حديث (حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ الدُّنْيَا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ) أخرجه النسائي وأحمد.

٢ - زيادة ثلاث لم يقف عليها (الزركشي) ولا العسقلاني ولا (السيوطي) ولا (السخاوي) ولا (الديبع) ولا (العجلوني) ولا (الفتني) ولا (القاري) ولا (الشوكاني) ولا (البيروتي) ولا غيرهم من الحفاظ.

٣ - هذه الزيادة مفسدة للمعنى ومن تكلف في تخريجها لم يأت بشيء.

٤ - كلام هؤلاء الحفاظ وغيرهم أرجح من كلام مؤلفي (الإحياء والكشاف) لأن هذه المسألة من اختصاصهم.

٥ - كلام صاحبي (الإحياء والكشاف) أرجح من كلام هؤلاء الحفاظ لو كانت المسألة من مسائل العلوم المتخصصين فيها.

[س: حديث (حب الوطن من الإيمان) هل هو صحيح أم لا وما معناه؟]

جـ: حب الوطن من الإيمان ليس بحديث شريف وقد كان منى البحث عنه في مظانه في جميع كتب الحديث القديمة والحديثة فلم أعثر عليه ولا على من رواه من الصحابة أو التابعين عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كما لم أعثر على من أخرجه من أهل الأمهات وغيرها من كتب السنة كالمسندات والمعاجم والسنن والمستدركات وتراجم الرواة مما يدل على عدم وجوده في كتب السنة النبوية المطهرة على صاحبها وعلى آله أفضل الصلاة والسلام التي ألفها المتقدمون من علماء الحديث، كما لم أجده أيضا في كتب السنة التي جمعها المتأخرون من علماء الحديث في مؤلفاتهم التي تأتي بمتون الأحاديث مجرده عن السند مع عزو كل حديث إلى كتاب أو إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>