إذا كان هذا الدمع يجري صبابة … على غير ليلى فهو دمع مضيع
[لا أصل لعادة وضع حجر أو حجرين على القبر]
س: هل وضع حجر واحد على قبر الرجل (يسمى مشهداً) وحجرين على قبر المرأة لكي يتميز قبر الرجل عن قبرالمرأة مشروع؟
جـ: هي عادة يمنية وهي بدعة وليس لها أصل وقد تكلم عنها الإمام (يحيى بن حمزة) في كتاب الانتصار والإمام (المهدي) في كتاب الأحكام، وليس لها لزوم لأنه لا لزوم لمعرفة كونه قبر رجل أو امرأة، والقبور في خارج اليمن لا فرق بين قبر الرجل والمرأة، ولم يرد بهذه العادة حديث لا صحيح ولا حسن ولا ضعيف ولا موضوع.
س: هل وضع الحجرين على قبر المرأه والحجر على قبر الرجل مشروع أو أنه غير مشروع؟
جـ: اعلم أن وضع الحجر الواحدة على قبر الرجل والحجرتين على قبر المرأة لم يُعرف في أيام النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا جاء في ذلك حديث مرفوع إليه لا من قوله ولا من فعله ولا من تقريره لا بسند صحيح ولا حسن ولا ضعيف، بل لم يرو عن أحد من الصحابة أو التابعين أنه استحسنه أو عمل به، وإنما ذكره الإمام يحيى بن حمزة الحسيني العلامة الزيدي المشهور في كتابه الانتصار الجامع لمذاهب علماء الأمصار وقال إنه من بدع العوام وتبعه على هذا القول ونقله عنه يحيى بن أحمد بن مظفر العلامة الهادوي المشهور في كتابه البيان الشافي المنتزع من البرهان الكافي وهو المعروف ببيان ابن مظفر، أما مؤلف كتاب الأزهار شيخ ابن مظفر فقد أجاز ما يفعله الناس من ذلك وقال بأنه لا بأس به لتمييز قبر الرجل عن قبرالمرأة كما في كتابه البحر الزخار قياساً على وضع النبي -صلى الله عليه وسلم- حجراً على قبر (عثمان بن مظعون) الوارد في كتب الحديث، وقد أيده العلامة محمد بن مظفر مؤلف (البستان) وهو حفيد مؤلف البيان واختاره المتأخرون من علماء الهادوية ووضعوا عليه (الهاء) و (الباء) الدالة على أنه المختار عند المتأخرين من علماء الهادوية، أما شيخ الإسلام (الشوكاني) مؤلف (نيل الأوطار) فقد اكتفى بالنقل عن صاحب الانتصار القائل بأنه من البدع وعن صاحب البحر الزخار القائل بأنه لا بأس به ولم يرجح أحد القولين على الآخر، وقد اطلع الحافظ (الألباني) علامة العصر في علم السنة على كلام مؤلف الانتصار واختاره وحكم على هذه العادة بأنها من البدع كما في كتابه المشهور (أحكام الجنائز) ناقلاً ذلك عن نيل الأوطار.
والخلاصة في ذلك:
أن وضع الحجر الواحد على قبر الرجل والحجرين على قبر المرأة لم يرد في كتب السنة النبوية، وإنما استحسنها الآخرون المتأخرون استحساناً أو قياساً على وضع النبي الحجر على قبر (عثمان بن مظعون) -رضي الله عنه-، وأن العالمين يحيى بن حمزة صاحب الانتصار وابن المظفر صاحب البيان من علماء الزيدية الهادوية الكبار قد حكما بأنه بدعة وأيدهما الألباني.
أما الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى مؤلف كتاب البحر الزخار وابن (مظفر) مؤلف البستان فلم يريا به بأساً وهو الذي اختاره المتأخرون من علماء الزيدية الهادوية الذين اختاروا ما يناسب قواعد علمائهم المتقدمين والمتأخرين ووضعوا على المختار علامة مشهورة وهي الهاء والباء.
أما (الشوكاني) فلم يرجح أحد القولين على الآخر بعد أن حكاهما في نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار.
وخير الأمور السالفات على الهدى … وشر الأمور المحدثات البدائع