للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جـ: لا كفارة لها بل يجب الوفاء بها لقوله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (١) ولحديث (أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا: وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ) (٢) لأن عدم الالتزام والوفاء بالعهد خصلة من خصال النفاق، والمنافقين في الدرك الأسفل من النار كما في قوله تعالى {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} (٣).

[آراء العلماء في تعيين اليمين اللغو]

س: ما هي يمين اللغو؟

جـ: اختلف العلماء في تعينها على ثلاثة أقوال:

القول الأول: قول الحنفية والهادوية: أنها اليمين التي يحلف عليها الحالف ظاناً أنها واقعة على ما حلف عليه فينكشف خلاف ما حلف عليه.

القول الثاني: قول الشافعية: أنها اليمين التي تخرج بغير قصد اليمين مثلما قالت عائشة رضي الله عنها هي قول الرجل (لَا وَاللَّهِ وَبَلَى وَاللَّهِ)، وتفسير الصحابي مقدم على غيره.

القول الثالث: قول سعيد بن المسيب أنها يمين الغضب، والصحيح: هو قول عائشة وهو أن اليمين اللغو هي التي لا يقصد بها الحالف يميناً وإنما هي قول الرجل (لَا وَاللَّهِ وَبَلَى وَاللَّهِ) بلا قصد الحلف.

س: نشاهد بعض الناس يتكلمون بكل ما يحلو له من سب وشتم وحين يستنكر عليه أحد يقول (لا يؤاخذكم الله باللغو في إيمانكم) وبعض الناس يستولي على أموال غيره أو يظلمه ثم يتخلص من فعله باليمين ويكفر عنها معتقداً أن الكفارة تخلصه من الإثم وبعض الناس يكذب ويحلف بالله وحينما تزجره يقول لك سأكفر عن يميني فنطلب من علمائنا الأفاضل الإجابة الشافية؟

جـ: اعلم أن يمين اللغو هي اليمين التي يحلف الإنسان فيها على شئ ظاناً وقوعه فينكشف خلافه مثل أن يحلف بأن محمداً في المسجد ظاناً أنه في المسجد ثم ينكشف أنه قد خرج من المسجد وأنه حال اليمين لم يكن في المسجد، أو هي اليمين التي تخرج من فم الإنسان من غير قصد أو عزم على اليمين مثل قول الرجل (لَا وَاللَّهِ وَبَلَى وَاللَّهِ) فهذه اليمين لا يؤاخذ الله الحالف بها، وإنما يؤاخذه باليمين المعقودة التي يحلف بها الحالف ليقتطع مال أخيه المسلم أو نحو ذلك كما في حديث (الْكَبَائِرُ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ) (٤) و حديث (مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ، فَقَالَ


(١) - المائدة: أية (١)
(٢) - صحيح البخاري: كتاب الإيمان: باب علامة النفاق. حديث رقم (٢٣) بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا: وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ)
أخرجه مسلم في الإيمان، والترمذي في الإيمان، والنسائي في الإيمان وشرائعه، وأبوداود في السنة، وأحمد في مسند المكثرين.
معاني الألفاظ: خالصا: كامل النفاق.
(٣) - النساء: أية (١٤٥)
(٤) - صحيح البخاري: كتاب الأيمان والنذور: باب اليمين الغموس. حديث رقم (٦١٨٢) بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الْكَبَائِرُ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ)
أخرجه الترمذي في تفسير القرآن، والنسائي في تحريم الدم، وأحمد في مسند المكثرين، والدارمي في الديات.
معاني الألفاظ: الغموس: القسم الكاذب الذي يغمس صاحبه في النار.

<<  <  ج: ص:  >  >>