للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على القبور؟! والعمارة على القبور محرمة مهما كانت العمارة مسجداً أو غيره وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ) (١) أي أن الله طرد اليهود والنصارى من رحمته لأنهم عصوا واتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، ولم يأت النبي بهذا الحديث إلا ليحذرنا أن نعمل كما عملوا فنطرد من رحمة الله كما طردوا، ولهذا لا يجوز لأحد أن يقبر أحداً في مسجد قديم أو حديث لأنَّ المساجد لا يجوز أن تستعمل أرضيها لدفن الأموات.

[تحريم عمارة المساكن على القبور]

س: كثر في هذه الأيام العمارة فوق القبور والمرور عليها، فهل يشرع ذلك، كما سمعنا من يجوز ذلك؟

جـ: الحجة في كلام سيد المرسلين المعصوم لا بقول فلان وفلان والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لَأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ حَتَّى تَخْلُصَ إِلَى جِلْدِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْر) وكلام النبي حجة على الناس وليس كلام الناس حجة، والحاصل أن الإقدام على العمارة على القبور ووطأها قد شمل الكثير من القرى والمدن وقد أفتى كثير من العلماء بتحريمه ولكن كثير من الناس لا يعقلون وعن قول الحق معرضون وما الله بغافل عما تعملون {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} (٢).

[وجوب تحديد القبور المكتشفة في أرض زراعية]

س: ماذا يجب على من اكتشف في مزرعته قبراً أثناء زراعتها؟

جـ: من اكتشف في مزرعته قبراً أو عدة قبور عليه أن يحوط البقعة التي فيها قبر أو عدة قبور ولا يزرع تلك البقعة لأن وجود القبر أو القبور تحرِّم من زراعتها لحديث (لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ، وَلَا تُصَلُّوا إِلَيْهَا) وحديث (لَأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ حَتَّى تَخْلُصَ إِلَى جِلْدِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ).

[وجوب النهي عن زراعة المقابر أو العمارة أو المشي عليها]

س: ما حكم الشرع الإسلامي في حكم من ينتهكون حرمة المقابر؟ وما واجب المسلم في ذلك؟ وعلى من يكون إثم استباحة حرمة المقابر؟

جـ: القبور محترمة من الثرى إلى الثريا فلا توطأ ولا تزرع ولا يعمر فيها أيُّ عمارة وعلى الإنسان أن ينهي عن زراعتها والعمارة عليها أو وطئها باليد، وإذا لم يستطع باليد فباللسان، وإذا لم يستطع باللسان وذلك يكون تارة بالتخويف لمن يستعملها وتارة بالاتصال بالمسئولين في المنطقة وبوزارة الأوقاف والإرشاد فإن لم يستطع أو لا تؤثر مراجعته للجهة المسئولة، فينهى بقلبه وهو أضعف الإيمان لحديث (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ. فَإِنْ


(١) - صحيح البخاري: كتاب الأنبياء: باب ماذكر عن بني اسرائيل. حديث رقم (٣٣٧٩) بلفظ (عن عُببَيدُ الله بن عبد الله أنَّ عائشةَ و ابنَ عبّاس رضيَ الله عنهم قالا: لما نُزِل برسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- طَفِقَ يَطرَحُ خميصةً على وجههِ، فإِذا اغتمَّ كشفهَا عن وَجههِ فقالَ: وهوَ كذالك لعنةُ الله على اليهودِ والنصارَى، اتَّخذوا قبورَ أنبيائهم مَساجدَ، يُحذِّرُ ما صنَعَوا).
أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصلاة، والنسائي في المساجد، وأحمد في مسند بني هاشم، وباقي مسند الأنصار.
أطراف الحديث: الصلاة، المغازي، الجنائز، اللباس.
معاني الألفاظ: طفق: شرع رويداً. … الخميصة: ثوب مخطط من حرير أو صوف.
(٢) لشعراء: آية (٢٢٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>