للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ، وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ).

[تحريم بيع محرر العقود من مال غيره لنفسه بالثمن الذي يعينه هو]

س: قسم بيننا أمين المحل وبعد القسمة أخذ الفصول عنده وقام بتعطيل بعض المواضع بائعاً لنفسه وعمل بها بصائر لنفسه عندما علمنا بذلك أخبرناه أنه إذا أراد الشراء يكون بثمن عدول لكنه رفض فأخبرناه أننا حاجرين له لكنه لم يلتزم، فهل شراؤه صحيح؟

جـ: لا يصح أن يبيع الإنسان من نفسه لنفسه إن صح ما ذكرتم وفي الحديث (من اقتطع شبرا من الأرض ظلما، طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أرضين) (١) وفي رواية (مَنْ أَخَذَ مِنْ الْأَرْضِ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ، خُسِفَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ) (٢).

[صحة بيع الإنسان ما يملكه وتحريم إيذاء الولد لأبيه باعتراضه على بيعه]

س: يوجد رجل متمتع بقواه العقلية ويقوم بجميع واجباته الشرعية وكان له ابن في الغربة أهمله ولم ينفق عليه وهو في المهجر ولما قام والده ببيع بعض ممتلكاته لحاجته، قال ابنه بعد عوده من المهجر بأن أباه مختل العقل وأنه لا يصح له لا بيع ولا شراء، فهل يصح للولد أن يلفق على أبيه هذه الدعوى أم لا؟

جـ: إنه إذا صح ما جاء في الاستفتاء فلا حق للولد المطالبة بما باع والده من أيِّ مشتر أشترى من والده لأن الوالد باع ما في ملكه وتحت تصرفه وباع بيعاً صحيحاً شرعياً صادراً من المالك الشرعي للمبيعات المذكورة في السؤال، وذلك بدعوى أن والده مجنون هذا هو الأمر الشرعي في القضية اللهم إلا إذا كان الوالد شريكاً لولده في بعض المبيعات المذكورة فإذا برهن بأن الولد ليس شريكاً له فالبيع نافذ للوالد وغير نافذ إن صح شريك لوالده، وإلا فلا حق له في المطالبة بالمشتري من والده، والأفضل أن تعرض القضية على القاضي الشرعي في المدينة ليعرف الحقيقة ويجري اللازم شرعاً.

[وجوب إبطال المحكمة الشرعية كل بيع فيه حيلة على بعض الورثة]

س: رجل معه ولد واحد وثلاث بنات فأراد حرمان البنات من الميراث فقام ببيع ماله من الولد، فهل بيعه صحيح؟

جـ: بيع الوالد المال من الولد حيلة لا يجوز وهو ظالم لحديث (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ) (٣) وإذا كان لا بد


(١) - صحيح البخاري: كتاب المظالم والغصب: باب إثم من ظلم شيئا من الأرض. حديث رقم (٢٤٥٢) بلفظ (عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: من اقتطع شبرا من الأرض ظلما، طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أرضين).
أخرجه مسلم في المساقاة، والترمذي في الديات، وأحمد في مسند العشرة المشرين بالجنة، والدرامي في البيوع.
أطراف الحديث بدء الخلق.
معاني الألفاظ: اقتطع: أخذ بغير حق. … طوق: جعل طوقاً في عنقه.
(٢) - صحيح البخاري: كتاب المظالم: باب إثم من ظلم شيئا من الأرض. حديث رقم (٢٤٥٤) بلفظ (عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: مَنْ أَخَذَ مِنْ الْأَرْضِ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ، خُسِفَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ).
أخرجه أحمد في مسند المكثرين من الصحابة.
أطراف الحديث: بدء الخلق.
(٣) صحيح البخاري: كتاب الهبة: باب الإشهاد في الهبة. حديث رقم (٢٤٤٧) بلفظ (عَنْ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ، قَالَ: فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ).
أخرحه مسلم في الهبات، والترمذي في الأحكام عن رسول الله، والنسائي في النحل، وأبو داود في البيوع، وابن ماجة في الأحكام، وأحمد في أول مسند الكوفيين، ومالك في الأقضية.
أطراف الحديث: الهبة وفضلها والتحريض عليها، الشهادات.

<<  <  ج: ص:  >  >>