للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب القضاء

[تحريم طلب القضاء والحرص عليه]

س: هل يجوز طلب القضاء؟

جـ: لا يجوز طلب القضاء ولا يجوز تولية من يحرص على القضاء لأنه لم يحرص عليه إلا لكونه يريد أن ينهب الناس أو يحقد على الناس ويضرهم بولايته، ومن يطلب القضاء أو يحرص عليه يجب على الوالي لأمور المسلمين (الرئيس أو الملك أو السلطان) أن لا يوليه القضاء لحديث (إِنَّا لَا نُوَلِّي هَذَا مَنْ سَأَلَهُ، وَلَا مَنْ حَرَصَ عَلَيْهِ) (١).

قصة تولي القاضي العلامة شيخ الإسلام (محمد بن علي الشوكاني) للقضاء

س: هل طلب القاضي (محمد بن علي الشوكاني) القضاء؟

جـ: لم يطلب القاضي العلامة شيخ الإسلام (محمد بن علي الشوكاني) القضاء ولكنه طُلب منه تولي القضاء بعد أن مات القاضي العلامة (يحيى بن صالح السحوَلي) الذي كان يتولى منصب قاضي القضاة في اليمن فأرسل الإمام (٢) الذي كان يتولى اليمن للقاضي الشوكاني أن يُولَّى منصب قاضي قضاة اليمن فرفض ثم أشار عليه العلماء بأن يتولى القضاء لكي لا يتولاه من لا يحسن القضاء ويتضرر منه الناس وبقي متردداً نحو أسبوع يستخير الله تعالى ويستشير ثم اشترط على الإمام شروطاً لقبوله منصب قاضي قضاة اليمن فقبلها الإمام وهي:

١ - أنه يعطى الصلاحية للحكم على أقرباء الإمام وأبنائه ووزرائه وقادته فقال له الإمام المتولي في تلك الفترة لك الحق أن تحكم على من فوق سريري هذا.

٢ - أنه يحبس المتمرد من المتقاضين ويطلقهم ولا أحد يتدخل في حبسهم ولا إطلاقهم وله حق أن يطلق من حبسه وزيره إذا كانت شرعية قضائية.

٣ - أن تعطي الدولة القضاة مرتبات كافية لكي يحكموا بين الناس ولا يأخذوا منهم رشوة.

ولما قبل الإمام شروطه قبل القضاء وقال للإمام لك عليّ أن لا أضع حجراً على حجر أي أنه لا يثرى من القضاء ويعمر له البيوت والعمارات ولا يستفيد منه شيئاً لأنه كان مقصده إقامة العدل والحكم بالشريعة بين الناس، والجدير بالذكر أنه تولى القضاء مدة إحدى وأربعين عاماً وظل في القضاء منذ تولّى القضاء حتى توفاه الله تعالى.


(١) صحيح البخاري: كتاب الأحكام: باب ما يكره من الحرص على الإمارة. حديث رقم (٦٦١٦) بلفظ (عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَرَجُلَانِ مِنْ قَوْمِي، فَقَالَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ: أَمِّرْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَالَ الْآخَرُ مِثْلَهُ، فَقَالَ: إِنَّا لَا نُوَلِّي هَذَا مَنْ سَأَلَهُ، وَلَا مَنْ حَرَصَ عَلَيْهِ).
أخرجه النسائي في الطهارة، آداب القضاة، وأبو داود في الخراج والإمارة والفيء، الأقضية، الحدود، وأحمد في أول مسند الكوفيين.
أطراف الحديث: الإجارة، استتابة المرتدين، الأحكام.
(٢) -وهو المنصور علي بن المهدي عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>