[٩) المحن التي تعرض لها]
كما هي سنة الله في الابتلاء فإن الشيخ مثله مثل كثيرين من جهابذة العلم وأتباع السنة لا بد أن يتعرض لمضايقات من المتعصبين لمذاهبهم.
وهذا أحد هذه المواقف (بينما كان الشيخ يلقي دروسه في مسجد الفليحي في العاصمة صنعاء لطلاب جاءوا من مخلاف السليمان (صبيا، جيزان) وكان هؤلاء الطلاب يدرسون كتب الشوكاني والأمير وغيرهم وكان يرتاد هذا المسجد أصناف من الناس، منهم (قاسم بن حسين أبو طالب الملقب بالعزي) وكان من أهل الوجاهة ورجال الدولة وله أتباع من العامة، وكان الشيخ قد حاول أن يلقي دروسه أثناء غيابه وأحياناً كان يتوارى داخل قبة المسجد حيث لها باب منفصل، وذات يوم جاء (قاسم العزي) إلى القبة فجأة وهم يدرسون كتب السنة وكأن هذا جريمة في نظره فسأل الشيخ ماذا تدرسون؟؟ فأجابه الشيخ بصراحة وتحدٍ كتاب (نيل الأوطار) للإمام الشوكاني وإذا به يهاجم بكلام ملؤه الغيظ والحنق وقال اتقوا الله أو قد نسيتم دخول القبائل إلى صنعاء هاتكين الحرمات ناهبين المتاع والبيوت بسبب كتب أهل السنة المعادية لأهل البيت اتركوا كتب الناصبة.
وكتب إلى (وزير المعارف) محرضاً له على قطع راتب فضيلة القاضي الذي يستلمه مقابل تدريسه في المدرسة العلمية التابعة لوزارة المعارف، ثم ذهب الشيخ لمقابلة (ابن وزير المعارف) وكان ذكياً لبيباً مقدراً للأمور وبعد أن أخبره الشيخ بالموضوع كتب له ورقة إلى والده فجاء الجواب (درسوا ما أردتم فنحن لا نصدق أحداً).
ولكن (قاسم العزي) بعد أن علم برد الوزير كتب إلى (الإمام) في تعز وذهب الشيخ إلى شيخه العلامة السيد (محمد زبارة) قكتب له رسالة إلى (الإمام) مفادها (أن القاضي محمد بن إسماعيل العمراني) رجل عالم فقيه غير متعصب ولا ميَّال إلى أيِّ مذهب من المذاهب، وهو يتصف بالإنصاف إلا أنه يخشى من الوشاة أن يغرروا عليكم يا مولانا بأنه يريد تخريب المذهب وأنه يناصب أهل البيت العداء، بل هو ينهى عن ذلك فلا تصدقوا (قاسم العزي) ولا غيره فكتب الإمام جواباً مفاده [حماكم الله لا يتصور أحد أن نمنع كتب السنة أن تدرس في المساجد من إنسان عادي فضلاً عن عالم من العلماء، وإذا قيل لكم أن الإمام يمنع هذا فلا تصدقوه، ولكن أنصحكم إرغاماً للشيطان وإرضاء للرحمن أن تجمعوا بين الشيئين فتدرسون (شفاء الأوام) للأمير الحسين و (البخاري ومسلم وغيرها) حتى تقطعوا عنكم تقولات الآخرين] انتهى رد الإمام أحمد بن يحيى حميد الدين.
[١٠) حياته الدعوية والتعليمية]
حاول فضيلة القاضي العلامة (محمد بن إسماعيل العمراني) حفظه الله نشر العلم وتوعية المجتمع بكل الوسائل التي أتيحت له واهتم اهتماماً كبيراً بالجانب الفقهي ومتطلباته ويمكن أن نجمل إسهاماته التعليمية في حقل الدعوة بالنقاط التالية:
[١) التدريس في المؤسسات العلمية الآتية]
• المدرسة العلمية التي أنشأها الإمام يحيى بن حميد الدين ١٣٤٤ هـ.
• المعهد العالي للقضاء.
• جامعة صنعاء.
• جامعة الإيمان.
[٢) فتح الحلقات العلمية ومنها]
أ) حلقة مسجد الفليحي واستمر يدرس في هذا المسجد مدة طويلة.
ب) حلقة مسجد الزبيري ولا تزال هذه الحلقة العلمية قائمة حتى كتابة هذه الترجمة.
وقد درَّس فضيلة القاضي في هذه الحلقات أمهات كتب الحديث النبوي الشريف وكتب الفقه الإسلامي ففي الحديث درَّس كتابي البخاري ومسلم وسنن أبي داود والنسائي وابن ماجة والترمذي وموطأ مالك وغيرها من كتب الحديث، وفي الفقه درَّس كتب الإمام الشوكاني (نيل الأوطار، والسيل الجرار، ووبل الغمام، والدراري المضيئة)، وكتاب (سبل السلام) لمحمد بن إسماعيل الأمير عدة مرات، و (فقه السنة) لسيد سابق وغيرها من كتب الفقه، وهو يحب كثيراً تدريس كتب الحديث النبوي الشريف، وكتب الفقه، لعلماء اليمن المستقلين عن التقليد والمتحررين عن التمذهب كمؤلفات شيخ الإسلام (محمد بن علي الشوكاني) والعلامة (محمد بن إسماعيل الأمير) والعلامة (صالح المقبلي) والعلامة (حسن بن أحمد الجلال) رحمهم الله جميعاً، كما أنه قد درَّس الكثير من كتب الآلة من كتب اللغة العربية نحواً وصرفاً وبلاغة، وكتب أصول الفقه، ومصطلح الحديث، كما قام