للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُمُعَةَ فَنَرْجِعُ وَمَا نَجِدُ لِلْحِيطَانِ فَيْئًا نَسْتَظِلُّ بِهِ) (١) دلت على هذا كما قال شيخ الإسلام الشوكاني، ولكن الأحوط أن لا يشرع الخطيب بالخطبه ولا يؤذن المؤذن إلا عند دخول وقت الظهر لأجل جمع الكلمة كما قال العلامة (محمد رشيد رضاء) في مجلة المنار وعلى كل حال فلم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أخر الجمعة عن أول وقتها ولا عن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم أنهم أخروها عن أول وقتها أبداً، ولم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه رضي الله عنهم يفصلون بين الأذان والخطبتين بشئ أبداً، ولم يرو عنه -صلى الله عليه وسلم- ولم يرو أحدٌ من علماء السنة النبوية أو من رجال السيرة المحمدية أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه رضوان الله عليهم كانو يفصلون بين أذان المؤذن بالجلوس مدة ثلث ساعة أو ربع ساعة أو حتى دقيقة واحدة يذكرون الله سبحانه وتعالى ويسبحونه ويهللون ثم يسكت الناس ويقول لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أو أحد الصحابة: اهدوا ما قرأتم ثم يهدون ثواب ما قرأوه لجميع الأنبياء والأولياء والمسلمين والمسلمات ويخص كل واحد منهم بالفاتحة ويقول الفاتحة تتغشانا وتتغشاهم ويرددون هذا القول عشرين مرة ويستغرقون به من الوقت نحو ربع ساعة، ولا يعملون أيَّ شئ مما ذكرته في سؤالك هذا أبداً لا التسبيح ولا التهليل ولا اهداء الثواب ومن خالف ما نص عليه العلماء فقل: له الحكم بيني وبينك كتاب الله وسنة رسوله الله -صلى الله عليه وسلم- ولم نجد في كتاب الله ولا في سنة رسول الله حرفاً واحداً مما ذكرته في سؤالك هذا ولم نجد في كتاب الله ولا في سنة رسول الله لفظة واحدة تدل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يؤخر الخطبة في يوم الجمعة عن أول وقتها ولا سيما بعد أذان المؤذن والنبي -صلى الله عليه وسلم- على المنبر، وهكذا لم نجد دليلاً ولا لفظة واحدة تدل على أن الخلفاء الراشدين كانو يؤخرونها.

[جواز دخول خطبة الاستسقاء في خطبة الجمعة]

س: هل يجوز أن تصلي صلاة الاستسقاء في يوم الجمعة ركعتين بعد صلاة الجمعة؟

جـ: يجوز أن يدعوالخطيب في خطبة الجمعة وتدخل خطبة الاستقساء في خطبة الجمعة كمافي حديث (حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَذْكُرُ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ بَابٍ كَانَ وِجَاهَ الْمِنْبَرِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتْ الْمَوَاشِي وَانْقَطَعَتْ السُّبُلُ فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا، قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا، قَالَ أَنَسُ: وَلَا وَاللَّهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ وَلَا قَزَعَةً وَلَا شَيْئًا وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ وَلَا دَارٍ، قَالَ: فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ فَلَمَّا تَوَسَّطَتْ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ ثُمَّ أَمْطَرَتْ، قَالَ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سِتًّا، ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ فِي الْجُمُعَةِ الْمُقْبِلَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يَخْطُبُ فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِمًا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتْ الْأَمْوَالُ وَانْقَطَعَتْ السُّبُلُ فَادْعُ اللَّهَ يُمْسِكْهَا، قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ وَالْجِبَالِ وَالْآجَامِ وَالظِّرَابِ وَالْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ، قَالَ: فَانْقَطَعَتْ وَخَرَجْنَا نَمْشِي فِي الشَّمْسِ، قَالَ شَرِيكٌ: فَسَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَهُوَ الرَّجُلُ الْأَوَّلُ؟


(١) - صحيح مسلم: كتاب الجمعة: باب صلاة الجمعة حين ينعقد الشمس. حديث رقم (٨٦٠) بلفظ (عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُمُعَةَ فَنَرْجِعُ وَمَا نَجِدُ لِلْحِيطَانِ فَيْئًا نَسْتَظِلُّ بِهِ).
أخرجه البخاري في المغازي، والنسائي في الجمعة، وأبو داود في الصلاة، وابن ماجة في إقامة الصلاة والسنة فيها، وأحمد في أول مسند المدنيين أجمعين، والدارمي في الصلاة.
أطراف الحديث: الجمعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>