للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكَ وَهَذَا لِي، فَهَلَّا، جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ، لَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَأْتِي بِشَيْءٍ إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ، إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ أَوْ شَاةً تَيْعَرُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ، أَلَا، هَلْ بَلَّغْتُ ثَلَاثًا؟) (١) وحديث (هَدَايَا الأُمَرَاءِ غُلُولٌ) (٢) وقبول الرشوة لحديث (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي) فالهدية التي تهدى إليه لكونه قاضياً هي حرام إلا من كان للقاضي به صلة أو علاقة وكانت العادة بينهما تبادل الهدايا فيجوز للقاضي قبولها، والهدايا التي تهدى للقاضي لكونه قاضياً نوع من الرشوة.

س: هل يجوز للقاضي أخذ الهدايا؟ وهل تحرم عليه في مكان القضاء فقط؟

جـ: لا يجوز للقاضي إذا قد تولى القضاء أن يأخذ الهدايا لأنه لم يهد له إلا ليحكم للمهدي، ولا يجوز له أن يأخذ من أهل القرية أو المديرية أو المحافظة أو الجهة التي هو متول عليها.

س: كثير من القضاة في عصرنا تكثر لهم الهدايا من المواطنين فلو شاركهم آخرون في هذه الهدايا إذا كانت مما يؤكل فهل المشارك آثم؟

جـ: إذا كنت عارفاً أن هذا الأكل أهدي للقاضي لكونه قاضيا فلا تأكله، وإذا غلب في ضنك أن هذا الأكل مشترى من فلوس القاضي فكل أو أهدي إليه لا لكونه قاضياً بل لكونه صديقاً.

[تحريم الإفتاء بغير علم]

س: ما يكون الحكم على من نصب نفسه للإفتاء وهو ليس بأهل للإفتاء وتقع بسبب فتاويه مصائب ومشاكل؟

جـ: لا يجوز للإنسان أن ينصب نفسه للفتوى وهو ليس بأهل لها لحديث (أَجْرَؤُكُمْ عَلَى الْفُتْيَا أَجْرَؤُكُمْ عَلَى النَّار) (٣) ولحديث (إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ


(١) - صحيح البخاري: كتاب الاحكام: باب هدايا العمال. حديث رقم (٧١٧٤) بلفظ (أَخْبَرَنَا أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ، قَالَ: اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ بَنِي أَسْدٍ يُقَالُ لَهُ ابْنُ الْأُتَبِيَّةِ عَلَى صَدَقَةٍ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ سُفْيَانُ أَيْضًا فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: مَا بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ فَيَأْتِي يَقُولُ: هَذَا لَكَ وَهَذَا لِي، فَهَلَّا، جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ، لَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَأْتِي بِشَيْءٍ إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ، إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ أَوْ شَاةً تَيْعَرُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ، أَلَا، هَلْ بَلَّغْتُ ثَلَاثًا؟)
أخرجه مسلم في الإمارة، وأبوداود في الخراج والإمارة والفيئ، والدارمي في الزكاة.
أطراف الحديث: الزكاة، الهبة وفضلها والتحريض عليها.
(٢) ـ- مسند أحمد: كتاب باقي مسند الأنصار: باب حديث أبي حميد الساعدي. حديث رقم (٢٢٤٩٥) بلفظ (عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: هَدَايَا الْعُمَّالِ غُلُولٌ) صححه الألباني في صحيح الجامع الصغير برقم (٧٠٢١).
أخرجه البخاري في الحيل، ومسلم في الإمارة، وأبوداود في الخراج والإمارة والفيئ، والدارمي في الزكاة.
معاني الألفاظ: … غل: خان، المراد به في هذا الحديث ما يأخذه الموظف العام أو الوالي العام أو القاضي الشرعي من هدايا أو رشاوى من المعاملين الذين لهم معملات لديه، أو من المتقاضين الذين لهم قضية نزاع شرعي لدى قاض من القضاة، والمراد به في الحديث السابق ما يأخذه الوالي العام أو الموظف العام من المال العام الذي تحت ولايته زائدا عما هو مقررله ولأمثاله بحسب القوانين واللوائح التي تحدد المرتبات والأ جور لموظفي الدولة.
(٣) ـ- سنن الدارمي: كتاب المقدمة: باب الفتيا وما فيه من الشدة. حديث رقم (١٥٧) بلفظ (عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَجْرَؤُكُمْ عَلَى الْفُتْيَا أَجْرَؤُكُمْ عَلَى النَّارِ).
انفرد به الدارمي.

<<  <  ج: ص:  >  >>