للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جميعاً دال على تشميت العاطس وهوبلفظ (إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَإِذَا قَالَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَلْيَقُلْ: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ) (١) وإن كان المراد هو الاحتجاج على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد تكلم بكلام يدل على أنه قد أشار إلى أنه سيوجد في آخر الزمان الراديو أو التلفزيون كما قال السائل في سؤاله هذا، وأنه قد صرح بهذا اللفظ المسئول عنه وهو (تشمت أخاك وإن كان خلف سبعة أبحر) لا نسلم بوجود هذا الحديث بهذا اللفظ في كتب السنة النبوية، وإن فرضنا أنه قد وجد فلا نسلم بأنه صحيح أو حسن أو ضعيف وإذا لم يكن صحيحاً أو حسناً أو ضعيفاً فلم يبق غير أن يكون من الموضوعات المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع أني لم أجده حتى في كتب الموضوعات، فمن وجده في أيِّ كتاب من كتب السنة النبوية وأفادني فجزاه الله خيراً، وقد كان على السائل أن يتصل أولاً بمن سمع منه هذا الحديث ويطلب منه الإيضاح عن هذا الحديث بهذا اللفظ ومن أخرجه ومن رواه ومن صححه أو حسنه أو ضعفه وفي أيِّ كتاب وجده من كتب السنة النبوية ولا يحفظه حتى يعرف ما قيل فيه حتى لا يدخل في عداد من يروى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مالم يقله وينخرط في عموم رواة الأحاديث الموضوعة التي لا أصل لها في كتب السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام هذا والله سبحانه ولي الهداية والتوفيق.

[س: ما قولكم في حديث (إذا كثرت الفتن فعليكم باليمن) هل هو حديث صحيح أو غير صحيح وما قولكم في من قال بأن هذا الحديث مكذوب مع العلم بأني محتار في قوله هذا لأني لا أسمع بحديث مكذوب وإنما أسمع بحديث صحيح وحسن وضعيف وشاذ وغيره؟]

جـ: اعلم بأن الحديث المذكور في السؤال قد روي في بعض كتب التاريخ اليمني مثل كتاب (الدر المنثور في فضائل اليمن الميمون) المنسوب إلى العلامة (محمد الأهدل) وقد ذكره (الملا علي القاري) بلفظ (إذا كثرت الفتن فعليكم باليمن) وذكره المحقق المقبلي رحمه الله في كتابه (الأرواح النوافح) ولكنه جعل محور كلامه هو حول ترجيح الرواية التي بلفظ (إذا كثرت الفتن فعليكم باليمن) على الرواية التي بلفظ (إذا كثرت الفتن فعليكم بأطراف اليمن) والواقع بأن هذا الحديث غير موجود في كتب السنة المطهرة المعروفة، ولم نعرف من الذي رواه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومن الذي أخرجه من أهل الأمهات أو الصحاح أو السنن أو المسندات أو المعاجم، وقد ذكره العلامة (ابن عراق الكناني) في كتابه (تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة) ناقلاً عن الحافظ (ابن تيمية) أنه قال عن هذا الحديث بأنه بهذا اللفظ لا يعرف، ولقد كنت بحثت عنه قديماً ووجدته في كتاب (أحاديث القصاص) لابن تيمية ولقد قال عنه هذا اللفظ لا يعرف، ولكن الذي في السنن أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال (لعبد الله بن حوالة) (سَيَصِيرُ الْأَمْرُ إِلَى أَنْ تَكُونُوا جُنُودًا مُجَنَّدَةً: جُنْدٌ بِالشَّامِ، وَجُنْدٌ بِالْيَمَنِ، وَجُنْدٌ بِالْعِرَاقِ، قَالَ ابْنُ حَوَالَةَ: خِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ، فَقَالَ: عَلَيْكَ بِالشَّامِ فَإِنَّهَا خِيرَةُ اللَّهِ مِنْ أَرْضِهِ يَجْتَبِي إِلَيْهَا خِيرَتَهُ مِنْ عِبَادِهِ، فَأَمَّا إِنْ أَبَيْتُمْ فَعَلَيْكُمْ بِيَمَنِكُمْ وَاسْقُوا مِنْ غُدُرِكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ تَوَكَّلَ لِي بِالشَّامِ وَأَهْلِهِ) (٢) وفي مسند أحمد بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوَالَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:


(١) - صحيح البخاري: كتاب الأدب: باب إذاعطس كيف يشمت. حديث رقم (٥٧٥٦) بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَإِذَا قَالَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَلْيَقُلْ: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ)
أخرجه أبوداود في الأدب، وأحمد في باقي مسند المكثرين.
(٢) - سنن أبي داود: كتاب الجهاد: في سكني الشام. حديث رقم (٢١٢٤) بلفظ (عَنْ ابْنِ حَوَالَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَيَصِيرُ الْأَمْرُ إِلَى أَنْ تَكُونُوا جُنُودًا مُجَنَّدَةً: جُنْدٌ بِالشَّامِ، وَجُنْدٌ بِالْيَمَنِ، وَجُنْدٌ بِالْعِرَاقِ، قَالَ ابْنُ حَوَالَةَ: خِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ، فَقَالَ: عَلَيْكَ بِالشَّامِ فَإِنَّهَا خِيرَةُ اللَّهِ مِنْ أَرْضِهِ يَجْتَبِي إِلَيْهَا خِيرَتَهُ مِنْ عِبَادِهِ، فَأَمَّا إِنْ أَبَيْتُمْ فَعَلَيْكُمْ بِيَمَنِكُمْ وَاسْقُوا مِنْ غُدُرِكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ تَوَكَّلَ لِي بِالشَّامِ وَأَهْلِهِ) صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم (٢٤٨٣).
أخرجه أحمد في مسند الشاميين.
معاني الألفاظ: الاجتباء: الاصطفاء والاختيار
غدركم: جمع غدير وهي القطعة من الماء يغادرها السيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>