للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

س: كيف تعمل المرأة التي عليها كفارة الجماع في رمضان إذا جاءها الحيض وهي تصوم الشهرين؟

جـ: تفطر عند مجيء الحيض، وتستأنف الصيام فورانتهاء العادة الشهرية، وتقضي الأيام التي أفطرتها أيام الحيض مثلما تقضيها عند إفطارها في شهر رمضان الكريم.

[حكم صيام من سمع أذان الفجر فشرب الماء أو واصل الأكل أو الاتصال الجنسي]

س: ما حكم صيام من سمع المؤذن يؤذن لصلاة الفجر فشرب الماء حال الأذان أو واصل الأكل حال الآذان أو كان في حال اتصال جنسي بأهله ولكنه نزع عند أن سمع الأذان؟ فهل صومه صحيح أم باطل؟

جـ: هذان سؤالان جيدان لم يسبقك أحد بالسؤال عنهما، وسأذكر لك ما قاله علماء المذهب الهادوي حول هذين السؤالين. ثم ما قاله غيرهم من علماء الفقه المجتهدين من علماء هذا العصر والعلماء المتقدمين، ولقد حكى المهدي في البحر عن أهل المذهب الهادوي وعن أبي حنيفة والشافعي أن من أصبح (أي دخل عليه وقت الصيام الشرعي) وهو أي الصائم مولج (أي متصل بأهله اتصالاً جنسياً) فنزع لم يفسد صومه لقوله تعالى {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} (١) وقال فإن استمر أفطر (أي صار مفطراً شرعاً) وآثم وكفر عند من يوجب الكفارة إلى آخر ما قاله، قال ابن مظفر في البيان: من طلع الفجر وهو مخالط لأهله أو في يده طعام أو شراب فعليه أن يتنحى ويلقي ما في فمه ويصح صومه خلافاً لزفر والفقيه يوسف، وان استمر بطل صومه إجماعاً، ذكره في الشرح وقيل أن فيه خلاف الحسن وعطاء وداود، قال: والمراد بذلك فيمن كان على رأس جبل عال بحيث يشاهد أول الفجر لا من كان في موضع منخفض أو يسمع المؤذن وهو كذلك فقد بطل صومه، هكذا قال في البيان، وحكى في هامشه عن العلامة يحيى بن حمزة نقلاً عن النجري أن صومه لا يفسد ولو أذن المؤذن، وقال السيد سابق في فقه السنة ما لفظه (ويباح للصائم أن يأكل ويشرب ويجامع حتى يطلع الفجر فإذا طلع الفجر وفي فمه طعام وجب عليه أن يلفظ أو كان مجامعاً وجب عليه أن ينزع فإن لفظ أو نزع صح صومه، وإن ابتلع ما في فمه من طعام مختارا أو استدام الجماع افطر (أي صار مفطراً شرعاً)، روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ) (٢)، وقال ابن حزم في المحلى (ولا يلزم صوم في رمضان ولا في غيره إلا بتبين طلوع الفجر الثاني، وأما مالم يتبين فالأكل والشرب والجماع مباح كل ذلك مهما كان على شك من طلوع الفجر أو على يقين من أنه لم يطلع، فمن رأى الفجر وهو يأكل فليقذف ما في فمه من طعام أو شراب وليصم ولا قضاء عليه، ومن رأى الفجر وهو يجامع فليترك من وقته وليصم ولا قضاء عليه، وسواء في كل ذلك كان طلوع الفجر بعد مدة طويلة أو قريبة، فلو توقف باهتا فلا شيء عليه وصومه تام ولو أقام عامداً فعليه الكفارة، ثم قال برهان ذلك قول الله عز وجل {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}


(١) - البقرة: (١٨٧).
(٢) - صحيح البخاري: كتاب الصوم: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم (لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال). حديث رقم (١٩١٩) بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ بِلَالًا كَانَ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ).
أخرجه مسلم في الصيام، والترمذي في الصلاة، والنسائي في الأذان، وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة، ومالك في النداء للصلاة والدارمي في الصلاة.
أطراف الحديث: الأذان، الشهادات.

<<  <  ج: ص:  >  >>