للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[س: هل قولهم (حب الهرة من الإيمان) حديث أم لا؟]

جـ: اعلم أن ما قلته سابقاً في قولهم (حب الوطن من الإيمان) أقوله أيضا في قولهم (حب الهرة من الإيمان) أي أنه لم يرو عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال (حب الهرة من الأيمان) ولم يروه حديثاً أحد من الحفاظ، كما أنه لا يصح من ناحية الدراية أن يتكلم النبي بهذه الكلمة التي تجعل حب الهر جزء من أجزاء الإيمان، أما أنه لم يرو حديثاً فلعدم وجوده في مظانه من كتب الحديث القديمة والحديثة ومن ذكره من المتأخرين إنما ذكره لكي يوضح للناس أنه من الأحاديث الموضوعة أو التي لا أصل لها في كتب السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، وذلك كـ (الصاغاني) في موضوعاته الصغرى المعروفة برسالة (الصاغاني) في الموضوعات في الصفحة (٤٧) والقاري في موضوعاته الكبرى في الصفحة (١٨٢ - ١٨٣) وفي الصغرى الصفحة (٩١) و (ابن طاهر) في تذكرته في الصفحة (١١) و (الحوت البيروتي) في أسنى المطالب في الصفحة (٩٢) من هذا الكتاب و (العجلوني) في (كشف الخفاء) في الصفحة (٣٢٧) من الجزء الأول وغيرهم من الحفاظ الذين اهتموا بجمع الأحاديث المتداولة على الألسن والموضوعات على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأما أنه لا يصح من ناحية الدراية أو من ناحية المتن فلأن حب الهرة من الأمور الجِبلِية الطبيعية التي يستوي فيها المؤمنون والفجار والمسلمون والكفار والموحدون وأهل الإلحاد ولو كان معنى هذه الكلمة صحيحاً للزم أن المؤمن الذي لا يحب الهرة ناقص الإيمان لحب الهرة ولا يقال أنه قد ورد في الحديث الصحيح المرفوع إلى الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال في الهرة أنها من الطوافين عليكم والطوافات فيكون شاهداً لهذا المروى لأنا نقول له أن قولهم (حب الهر من الأيمان) قد دل على أن حب الهر جزء من الإيمان أو من علامات الإيمان وقوله صلى الله عليه وآله وسلم (أنها من الطوافين عليكم والطوافات) لا يدل على أن حب الهرة من الإيمان لا بالمنطوق ولا بالمفهوم ولا بالعموم ولا بالخصوص ولا بدلالة المطابقة ولا بدلاله لتضمن ولا الالتزام كما لا يخفى على من كان له معرفة بعلوم اللغة والأصول والبلاغة وكان له ذهن سليم وفهم مستقيم.

[س: هل هو صحيح حديث (أخروهن حيث أخرهن الله)؟]

جـ: هذا الحديث أخرجه الدارقطني بسند ضعيف جداً عن علماء الحديث وورد في كتب الزيدية برجال غير معترف بهم عند علماء الحديث، وقد أخرجه الإمام المرشد بالله من علماء الزيدية في أماليه.

[س: ما صحة حديث (حجوا لهن ولا تحجوا بهن) ما سنده وحديث (خذوا نصف دينكم عن الحميراء)؟]

جـ: اعلم أن قولهم حجوا لهن أي النساء ولا تحجوا بهن ليس بحديث صحيح ولا حسن ولا ضعيف ولا شاذ ولا منكر ولا أصل له في كتب السنة المطهرة بل هو معارض لما جاء في الكتاب والسنة والإجماع لأن الأدلة من الكتاب والسنة لم تفرق بين الرجل والمرأة في وجوب الحج على من استطاع إليه سبيلاً، وهكذا أجمع المسلمون من أيام السلف الصالح إلى يومنا هذا على أن وجوب الحج على المستطيع يشمل الرجال والنساء على حد سواء، هذا ومن استطاعة المرأة أن يكون لها زوج يرافقها في السفر أو أحد محارمها ممن حرم عليه زواجها، وأما الفقرة الثانية وهو حديث (خذوا شطر دينكم عن الحميراء أو خذوا نصف دينكم) لا أصل له من الصحة كما نص على ذلك الحافظ المزي الحافظ (الذهبي) والحافظ (ابن كثير) والحافظ (السخاوي) و (السيوطي) وغيرهم من الحفاظ كما في المقاصد ومختصره و (كشف الخفاء) والدرر وأسنى المطالب (للبيروتي) وغيرها من كتب الحديث التي جمعت الأحاديث المشهورة المتداولة على السنة الناس، وهكذا قد نصت بعض الكتب التي جمعها مؤلفوها لبيان الأحاديث الموضوعة على عدم وجود أصل لهذا الحديث وذلك مثل الأسرار المرفوعة (للقاري) والمصنوع في الحديث الموضوع (للقاري) أيضا و (الفوائد المجموعة) (للشوكاني) والمنار لـ (ابن القيم) وهكذا نصت على وضع

<<  <  ج: ص:  >  >>