للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإجماع، وحق الولد على والده أن يسوي بينه وبين إخوته لما ورد في حديث النعمان بن بشير الذي أراد والده (بشير بن سعد) أن يفضله على إخوته في العطية على سائر إخوته وليشهد النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك حيث قال الرسول إني لا أشهدعلى ظلم وبقوله -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ)، ولهذا قرر العلماء وجوب المساواة بين الأولاد في الوصايا وغيرها وقالوا إن من أوصى لأحد أولاده دون الآخرين من الأولاد وجب على القاضي الشرعي المتولي لقسمة التركة أن يخرج مثل هذا للأولاد الآخرين أو يخرج لكل واحد من الأخوة مثل ما أوصى به الموصي لأخيه الذي خصه بالوصية من بين سائر إخوته، وهكذا إذا كانت الورثة بنات وأنه من اللازم اخراج شيء إلى مقابل العطية التي كانت الوصية بها للموصى له من بين أخواته أو إخوانه ولكن المخرج للبنت يكون على النصف من المخرج للذكر مثل المواريث الشرعية أي للذكر مثل حظ الأنثيين لقوله تعالى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} (١)، هذا إذا لم يكن هناك إجازة من الورثة فإذا وجدت إجازة من الورثة جازت الوصية، وهذا الكلام إذا لم يكن هناك مسوغاً للوصية لأحد من الأولاد، أما إذا كان هناك مسوغاً لتخصيص بعض الورثة بوصية فلا مانع من الوصية له من بين سائر أولاده وذلك كأن يكون مريضاً مرضاً مزمناً أو أعمى فلا مانع للوالد من الوصية له من بين سائر إخوانه أو أخواتها علماً أن هذا فيمن يوصي لا إلى مقابل شيء مادي كان في ذمة الوالد لولده مثل ما إن كان الولد وارثاً من أمه أوجدته ثم باع عنه الأب إرثه الذي من أمه أوجدته أو من أيِّ مورث أو موص كان ثم أوصى له بشيء إلى مقابل ما باع عنه بلا زيادة ولا نقصان فهذه الوصية غير دخلة في باب التفضيل بين الأولاد في المنح والعطايا، بل من باب براءة ذمة الموصي مما باع عنه إرثه الذي من جدته أو أمه أو أيِّ مورث كان أو موص.

س: إذا أهدى الرجل هدايا مختلفة لأبنائه كأن يعطي أحداً ساعة والآخر شيئاً آخر متفاوت الأثمان، فهل هذا جائز؟

جـ: في الأشياء البسيطة الغالب أن يتسامحوا فيها ولكن الأشياء الثمينة يجب التسوية فيها، فمثلاً إذا أعطى أحد أولاده ساعة بخمسين ألف ريال والآخر شيئاً قيمته ألفا ريال، فهذا لا يجوز لتفاوت الثمن بينهما، لأنه يجب عليه المساواة بينهم إلا إذا كان أحدهم يخدمه خدمة زائدة فيعطيه لمقابل عمله كالأجرة، كأنه عنده سائق بأجرته.

[العدل في الزواج بين الأولاد يكون بحسب ما يناسب كل واحد من الجنسين]

س: العدل في الزواج بين الأولاد والبنات هل تعطى الأناث مثل الذكور أم لا؟

جـ: يكون بحسب ما يناسب كل واحد من الجنسين.

[المساواة في العطايا واجبة بين الأولاد لا بين الأحفاد]

س: رجل زوج أولاده الأربعة والآن عازم على زواج أولادهم إلا أن أحد أولاده عاصيا له ومتعبا له ويسبب له الكثير من الخسارات والغرامات، والأب لا يريد تزويج أولاده إلا أن هذا الولد يمنع أباه من تزويج أولاد الآخرين حتى يساويهم بأولاده، فهل هذا صحيح؟

جـ: الأدلة قد دلت على وجوب المساواة والعدل بين الأولاد لا بين الأحفاد كما في حديث (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ).


(١) - النساء: آية (١١)

<<  <  ج: ص:  >  >>