مطالعة السيرة النبوية والخصائص المحمدية والمعجزات الخارقة للعادة الواردة في كتب السنة النبوية، وقد نص (السيوطي) وغيره من الحفاظ على أن مؤلف (البكري) هذا لا يعمل به ولا يعتمد على ما فيه.
عدم صحة القول بجلد عمر -رضي الله عنه- لأحد أولاده في حد الزنا
هذا، ومن القصص التي رواها بعض القصاص ولم تصح عند علماء الحديث قصة الخليفة (عمر بن الخطاب) -رضي الله عنه- مع ولده (أبي الشهبل) التي رواها (سعيد بن مروق) وهي أن امرأة كانت تدخل على آل عمر ومعها صبي فقال لها (عمر): ما هذا الصبي الذي معك؟ قالت: هو ابنك وقع علىِّ (أبو الشحمة) فهو ابنك فأرسل إليه (عمر بن الخطاب) رسولاً فلما وصل سأله عن الذي زعمته المرأه فأقره، فقال (عمر) لـ (علي بن أبي طالب) كرم الله وجهه اجلده فجلده (عمر) خمسين جلده، وجلده (علي) خمسين جلدة، فقال أبو شحمة لأبيه (عمر) يا أبي قتلتني فأجابه (عمر) بقوله: إذا لقيت ربك فأخبره أن أباك يقيم الحدود فهذه القصة موضوعة لا أصل لها، وجاء في بعض روايات هذه القصة زيادة على ما ذكرته وهي التصريح بأن أبا شحمه مات من الضرب، وهذه الزيادة موضوعة أيضا كما نص على ذلك الحفاظ كـ (السيوطي) في اللائي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة والحافظ (البيروتي) في أسنى المطالب.
عدم صحة القول برجوع بلالاً من الشام إلى المدينة لمتاعبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- له في المنام
وكذلك من القصص التي ذكرها بعض علماء السير ولم تصح عند الحفاظ قصة رحيل (بلال بن رباح) مؤذن النبي -صلى الله عليه وسلم- من المدينة إلى بلاد الشام بعد موت النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنه رجع من الشام إلى المدينة بسبب أنه رأى النبي في المنام يعاتبه على تركه المدينة، وأن (الحسن بن علي بن أبي طالب وأخاه الحسين) رضي الله عنهما تعلقا به وترجيا منه أن يؤذن في مسجد المدينة كما كان يؤذن في أيام الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وأنه لما أذن وسمع الناس أذانه تذكروا أيام النبي -صلى الله عليه وسلم- فبكوا ولا سيما عندما سمعوه يقول: أشهد أن محمداً رسول الله زاد بكاؤهم حتى ارتجت المدينة، فهذه القصة غير صحيحة بل هي من الأحاديث الضعيفة عند (ابن كثير) في البداية والنهاية و (المزني) في التهذيب و (الذهبي) في الميزان و (ابن حجر العسقلاني) في لسان الميزان، ومن الموضوعات عند آخرين كالمولى (علي بن سلطان القاري) و (الألباني) وغيرهما.
هذا والجدير بالذكر أن من جملة من ذكر هذه القصة مطولة الدكتور (محمد بن سعيد البوطي) في كتابه فقه السيرة، وقد رد عليه الحافظ (الألباني) رداً مطولاً في مؤلفه الذي سماه (دفاع عن الحديث النبوي والسيرة في الرد على جهالات البوطي في كتابه فقه السيرة) كما أن من جملة من جوّز هذه القصة (السبكي) في شفاء الأسقام، وقد رد عليه معاصره (ابن عبد الهادي) في كتابه (الصارم المنكي في الرد على السبكي).
[عدم صحة قصة قتال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- مع الجن]
س: يحكى في بعض الكتب انه بينما النبي -صلى الله عليه وسلم- جالس والصحابة رضوان الله عليهم حوله جلوساً أيضا إذ أقبل عليهم رجل ملثم من البر فسلم على النبي فقال له النبي، من أنت؟ وما اسمك؟ فكشف الرجل عن وجهه فلما نظر إليه الصحابة استعاذوا بالله منه ولاذوا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأن ذلك الرجل من الجن فقال له النبي ما اسمك؟ فقال أنا اسمي (غطرفة) وقد جئت اشتكي من كفار الجن ونحن مسلمون، فلما سمعه النبي -صلى الله عليه وسلم- أرسل معه (علي بن أبي طالب) فذهب (علي) -رضي الله عنه- مع الجني كما تقول الحكاية وقاتل الجن إلى آخر ما جاء في هذه القصة، فهل هذه القصة صحيحة وثابتة أو أنها غير صحيحة؟