للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ) (١)، كما جاء مرفوعاً أن أفضل المسلمين وأقربهم عند الله أحسنهم خلقاً فمن كان تقياً كان عند الله أفضل من غيره ممن لا يتقي الله، ولو كان المتقي حلاقاً وغير المتقي عطاراً أو بزازاً بل ولو كان غير المتقي شيخاً أو رئيساً أو زعيماً، ومن كان عالماً هو أفضل عند الله من غيره من الجهال ولو كان العالم صانعاً أو جزاراً أو من أسرة مهنتهم الدباغة أو جزر الحيوانات، أو كان الجاهل رئيس قبيلة من أشرف القبائل وأعرقها نسباً، ولكن العادات والتقاليد غلبت على النصوص الشرعية، ولا تزول العادات إلا بنشر النصوص الصحيحة بين الناس وشرحها لهم وبث الوعي الإسلامي الصحيح تدريجاً في المؤلفات والرسائل وفي الخطب والإذاعة والصحافة وفي جميع وسائل الإعلام، أما مفاجأة الناس بالأمر لهم بأن يتزاوجوا رأساً قبل بث الوعي الإسلامي فيخشى منه الفتنة والدخول في أشياء تضر الأسر في الحاضر والمستقبل ويحصل منها مالا يحمد عقباه.

[استحباب إحياء الأرض بالزراعة ولا سيما غرس الأشجار]

س: أرجو من العلماء أن يذكروا لنا ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الترغيب في غرس الأشجار وزراعة الحبوب؟

جـ: اعلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد رغب في الزراعة وغرس الأشجار في عدة أحاديث فمنها قوله (مَنْ غَرَسَ غَرْسًا لَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ آدَمِيٌّ، وَلَا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا كَانَ لَهُ صَدَقَةً) (٢) وقوله -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ غَرَسَ غَرْسًا أَوْ زَرَعَ زَرْعًا فَأَكَلَ مِنْهُ إِنْسَانٌ أَوْ سَبُعٌ أَوْ دَابَّةٌ أَوْ طَيْرٌ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ) (٣) وقوله -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَلَهُ فِيهَا أَجْرٌ، وَمَا أَكَلَتْ الْعَافِيَةُ مِنْهَا فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ) (٤) وقال -صلى الله عليه وسلم- (عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا إِلَّا كَانَ مَا أُكِلَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةً، وَمَا سُرِقَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةٌ، وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ مِنْهُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ، وَمَا أَكَلَتْ الطَّيْرُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ، وَلَا يَرْزَؤُهُ أَحَدٌ إِلَّا كَانَ لَهُ صَدَقَةٌ) (٥) وقوله -صلى الله عليه وسلم- (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَزْرَعُ زَرْعًا أَوْ يَغْرِسُ غَرْسًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ) (٦) وقوله -صلى الله عليه وسلم- يجري للعبد أجر وهو في قبره بعد


(١) - سنن الترمذي: كتاب النكاح: باب ما جاء إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه. حدييث رقم (١٠٨٤) بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ) حسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم.
أخرجه ابن ماجة في النكاح.
(٢) مسند أحمد: كتاب مسند القبائل: من حديث أبي الدرداء عويمر. حديث رقم (٢٦٢٣٤) بلفظ (عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ رَجُلًا مَرَّ بِهِ وَهُوَ يَغْرِسُ غَرْسًا بِدِمَشْقَ، فَقَالَ لَهُ أَتَفْعَلُ هَذَا وَأَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! فَقَالَ: لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ غَرَسَ غَرْسًا لَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ آدَمِيٌّ، وَلَا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا كَانَ لَهُ صَدَقَةً) صححه الألباني في صحيح الجامع الصغير برقم (٢٦٢٣٤).
انفرد به أحمد بن حنبل
معاني الألفاظ: الصدقة: ما يعطى تقرباً إلى الله.
(٣) مسند أحمد: باقي مسند الأنصار: حديث أم بشر امرأة زيد بن حارثة. حديث رقم (٢٥٧٩٨) بلفظ (عَنْ أُمِّ مُبَشِّرٍ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: مَنْ غَرَسَ غَرْسًا أَوْ زَرَعَ زَرْعًا فَأَكَلَ مِنْهُ إِنْسَانٌ أَوْ سَبُعٌ أَوْ دَابَّةٌ أَوْ طَيْرٌ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ) صححه شعيب الأرناؤوط في تحقيقه لمسند أحمد برقم (٢٧٠٨٨).
معاني الألفاظ: الصدقة: ما يعطى تقرباً إلى الله.
(٤) مسند أحمد: كتاب باقي مسند المكثرين: حديث رقم (١٣٩٧٦) بلفظ (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَلَهُ فِيهَا أَجْرٌ، وَمَا أَكَلَتْ الْعَافِيَةُ مِنْهَا فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ) صححه الألباني في صحيح الجامع الصغير برقم (٥٩٧٤).
أخرجه الدارمي في البيوع.
معاني الألفاظ: العافية: السباع والطيور التي تقع على الجيف. … الصدقة: ما يعطى تقرياً إلى الله.
(٥) مسند أحمد: سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي الدرداء -رضي الله عنه- برقم (٢٦٢٣٤).
(٦) مسند أحمد: سبق ذكره في هذا الباب من حديث أم بشر رضي الله عنها برقم (٢٥٧٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>