وهو يصلي فبالأولى والأحرى أن يقر من يسلم على الآكل في حال أكله أو المتوضئ في حال وضوئه، هذا وأما ما جاء في بعض الآثار (لا سلام على أكل أو لا سلام على طعام) فليس هذا الكلام حديثاً نبوياً كما نص على ذلك السخاوي في (المقاصد الحسنه) والعجلوني في (الكشف) والديبع في (التمييز) والبيروتي في (أسنى المطالب) وغيرهم من العلماء الذي ألفوا في الأحاديث المشهورة الدارجة على ألسنة الناس وميزوا فيها الطيب من الخبيث كما ميزوا بين الصحيح والضعيف والموضوع من الحديث، وأما قول بعض العلماء الذين نقلوا حديثه هذا بأن معناه صحيح فليس بصحيح، وأما قول بعض العوام عند قدومهم على من كان على مائدة الطعام:(لا سلام على طعام) فإن المراد هنا بالسلام المصافحة، وليس مرادهم التحية بالسلام، وعلى فرض أنهم يريديون بالسلام التحية فما يفعله العوام أو يقولونه ليس حجة شرعية بل الحجة الشرعية هو الأدلة الدالة على مشروعية السلام العامة لجميع الناس على أيِّ صفة كان المسلم عليه، ولا سيما وقد أقر النبي -صلى الله عليه وسلم- من سلم عليه وهو في حال الصلاة وبالأولى من كان يغسل يديه أو وجهه أو يتمضمض أو يغسل أيَّ عضو من أعضاء الوضوء فإن رده السلام غير عسير عليه، وهكذا بالأولى من كان يأكل فإنه لا يصعب عليه أن يقول وهو في حال أكله وعليكم السلام ورحمة الله.
آراء العلماء في حكم رد الجماعة المسلَّم عليهم هل هو فرض كفاية أم فرض عين
س: دخل علينا إنسان وكنا جماعة فسلم علينا جميعاً ولكن لم يرد عليه غير واحد منا فحدث عتاب لمن لم يرد عليه وأجاب من لم يرد عليه لأنه من باب فرض الكفاية، وأنه إذا قام به البعض سقط عن الباقين، وأنكر هذا الرأي آخرون من الحاضرين، فما هو رأي فضيلتكم؟
جـ: اختلف العلماء هل يجب على الجماعة المسلَّم عليهم أن يردوا على المسلِّم جميعاً أم يكفي أن يجيب الواحد على المسلِّم عن الجميع أي يرد السلام على من سلم عليهم من باب فرض الكفاية وهو أن الوجوب على الجميع ولكن إذا قام به البعض سقط عن الباقين، أم أنه من باب فروض الأعيان وهي التي تجب على كل فرد على حدة، فقال بعضهم إن المسلم إذا سلم على جماعة من الناس ورد أحدهم فإن رد البعض كافٍ ومسقط الوجوب على الجميع، وقال آخرون إن الواجب على الجميع أن يردوا التحية ولا يكفي أن يرد عن الجميع السلام واحد، أي أنه من باب فروض الأعيان الواجبة على جميع الناس فرداً فرداً.
وإلى القول الأول: وهو أنه من فروض الكفايات ذهب الإمام مالك بن أنس والإمام محمد بن إدريس الشافعي رحمهما الله تعالى وغيرهما من العلماء.
وإلى القول الثاني: وهو أنه من فروض الأعيان ذهب الكوفيون رحمهم الله تعالى احتج أهل القول الأول بالحديث