للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حالة المخاطب صباح ذلك اليوم، فمن كان يريد أن يحتج على أن السلام هو المشروع وأن غيره من الكلمات التي صار الناس يحيى بها بعضهم غير مشروع فليأت بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة المؤيدة بالإجماع بدلاً من الاحتجاج بحديث (السلام تحية أمتنا وأمانا لأهل ذمتنا) وهكذا حديث من (بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه) فإن كلا الحديثين غير صحيحين.

والخلاصة لما جاء في جوابي هذا ينحصر فيما يلي:

(١) التحية المشروعة هي (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) أو الاكتفاء بالسلام عليكم لكن الأفضل هو أن يتم السلام بالرحمة والبركات.

(٢) قولهم (صباح الخير) أو (مساء الخير) خلاف المشروع الوارد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

(٣) حديث (السلام تحية ملتنا وأمان أهل ذمتنا) حكم ابن الجوزي والصاغاني بوضعه واعترض السيوطي وابن عراق على ابن الجوزي بأن له طرق أخرى وأجاب عليهم المعلمي بأن جميع طرقه لا يخلوا من راو مجروح.

(٤) حديث (من بدأ بالسلام قبل الكلام فلا تجيبوه) غير صحيح عند الحفاظ.

(٥) حديث (لا يؤذن لمن لم يبدأ بالسلام) هو من الأحاديث الواهية.

(٦) قد جاء في بعض الأحاديث الجمع بين السلام وغيره.

(٧) يغنى عن الاحتجاج بهذه الأحاديث الاحتجاج بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة وهي كثيرة معروفة عند العلماء.

(٨) من يريد أن يحيي غيره بغير السلام فلا مانع له لكن بعد أن يأتي بالتحية المشروعة وهي (السلام عليكم وإن زاد ورحمة الله وبركاته) فهو أفضل.

س: هل ورد النهي عن السلام على من يأكل أو يتوضأ؟

جـ: السلام من القائم على الجالس مشروع بالإجماع ولا فرق بين من كان جالساً يأكل أو جالساً يتوضأ للصلاة، ولم أطلع على حديث صحيح صريح في الدلالة على عدم مشروعية السلام على من كان يتوضأ أو يأكل حتى يكون هذا الحديث مخصصاً للأدلة الدالة على جهة العموم على مشروعية السلام على الجالس من القادم إليه، وبناءً على ذلك فاللازم العمل بالأدلة العامة الدالة على مشروعية السلام على الجالس من القادم إليه حتى يرد دليل صحيح صريح في الدلالة على أنه لا يشرع السلام من القائم على القاعد إذا كان القاعد في حال الأكل أو في حال الوضوء للصلاة، بل قد جاء بما يدل من باب مفهوم المخالف على الجواز وهو الحديث الصحيح الذي حكى عن بعض الصحابة أنهم سلموا على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في حال الصلاة فلم ينههم النبي عن ذلك، بل أجاب عنهم بالإشارة بإصبعه كما جاء في بعض الأحاديث بلفظ (إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَنِي لِحَاجَةٍ ثُمَّ أَدْرَكْتُهُ وَهُوَ يَسِيرُ قَالَ قُتَيْبَةُ يُصَلِّي فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَأَشَارَ إِلَيَّ، فَلَمَّا فَرَغَ دَعَانِي، فَقَالَ: إِنَّكَ سَلَّمْتَ آنِفًا وَأَنَا أُصَلِّي، وَهُوَ مُوَجِّهٌ حِينَئِذٍ قِبَلَ الْمَشْرِقِ) (١) وبالكلام بعد فراغه من الصلاة، فإذا كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد أقر من سلم عليه


(١) صحيح مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة: باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحة. حديث رقم (٥٤٠) بلفظ (عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَنِي لِحَاجَةٍ ثُمَّ أَدْرَكْتُهُ وَهُوَ يَسِيرُ قَالَ قُتَيْبَةُ يُصَلِّي فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَأَشَارَ إِلَيَّ، فَلَمَّا فَرَغَ دَعَانِي، فَقَالَ: إِنَّكَ سَلَّمْتَ آنِفًا وَأَنَا أُصَلِّي، وَهُوَ مُوَجِّهٌ حِينَئِذٍ قِبَلَ الْمَشْرِقِ).
أخرجه البخاري في الصلاة، الجمعة، والترمذي في الصلاة، والنسائي في السهو، وأبو داود في الصلاة، وابن ماجة في إقامة الصلاة والسنة فيها، وأحمد، والدارمي في الصلاة.
أطراف الحديث: المساجد ومواضع الصلاة.
معاني الألفاظ: آنفاً: قبل قليل. … قِبل: جهة وصوب.
وحديث رقم (٥٤١) بلفظ (عن جابر قال: أرسلني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو منطلق إلى بني المصطلق فأتيته وهو يصلي على بعيره فكلمته فقال لي بيده هكذا، وأومأ زهير بيده، ثم كلمته فقال لي هكذا فأومأ زهير أيضا بيده نحو الأرض، وأنا أسمعه يقرأ يومئ برأسه، فلما فرغ قال: ما فعلت في الذي أرسلتك له فإنه لم يمنعني أن أكلمك إلا أني كنت أصلي، قال زهير وأبو الزبير جالس مستقبل الكعبة فقال بيده أبو الزبير إلى بني المصطلق فقال بيده الكعبة).

<<  <  ج: ص:  >  >>