للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن الخصم الثاني استطاع أن يقيم الحجة والبينة على دعواه، فهل للحاكم أن يحكم بناءً على الظاهر ويحكم بموجب أدلة الخصم وبينته أم يحكم بموجب علمه وإن خالف الأدلة والبينات التي أوردها المتقاضي الثاني؟

جـ: هذه مسألة مشهورة وهي هل للقاضي أن يحكم بعلمه أم لا يحق للقاضي أن يحكم بعلمه، قال الشوكاني والمهدي: يحكم بعلمه، وقال علماء آخرون وهو اختيار وزارة العدل في الجمهورية اليمنية أن القاضي الشرعي لا يحق له أن يحكم بعلمه، ولكن إذا كان القاضي يعلم بقضية من القضايا فالأولى أن الدعوى ترفع في محكمة شرعية أخرى ويدعي القاضي الشرعي للإدلاء بشهادته أمام المحكمة الأخرى التي رُفِعت الدعوى أمامها.

س: هل يجوز للقاضي الشرعي أن يقيم حد جريمة الزنا على من يعلم بأنه يقترف جريمة الزنا وهو لم يعترف؟

جـ: لا يقيم الحد بل لا بدَّ من البينة، والقاضي يكون شاهداً مع غيره أمام محكمة أخرى، وقال (علي بن أبي طالب) لأن أخطئ في العفو خير من أخطئ في الحبس.

س: ما معنى قول الفقهاء ولا يقبل كتاب القاضي إلى القاضي؟

جـ: معنى هذا أنه لا يقبل أن يكتب قاضي صنعاء إلى قاضي الحديدة بل لا بد من حضور الشهود إلى قاضي الحديدة، ولا يقبل كلام قاضي صنعاء بأن الشهود شهدوا لديه دون حضور الشهود لدى قاضي الحديدة.

[إذا أخطأ القاضي في الحكم بعد التحري والإجتهاد فلا إثم عليه]

س: إذا حكم القاضي فأخطأ غير متعمد فهل يأثم؟

جـ: هو معذور لحديث (إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ) (١)

لأنه غير متحيز وقد بذل وسعه وجهده في الوصول إلى معرفة الحق.

[وجوب تيسير التقاضي وتسهيل دخول المتخاصمين على القاضي]

س: هل يجب على القاضي أن ييسر التقاضي؟

جـ: نعم، يجب على القاضي الشرعي أن ييسر التقاضي ويسهل دخول المتخاصمين عليه ويجب عليه أن يتفرغ في أوقات معينه للقضاء يأتي إليه المتقاضين ولا ينبغي للمتقاضين أن يشغلوا القاضي ويحرجوه بحيث يأتون إليه في كل الأوقات في الصباح وبعد العصر والمساء لأنه يحتاج إلى أوقات للجلوس مع أهله وأوقات للمطالعة وأوقات لكذا ولكن يحدد للمتقاضين وقتاً معيناً يأتون إليه فيه فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الاحتجاب بلفظ (مَا مِنْ إمَامٍ يُغْلِقُ بَابَهُ دُونَ ذَوي الْحَاجَةِ والخَلَّةِ وَالمَسْكَنَةِإلاَّ أغْلَقَ الله أبْوَابَ السَّمَاءِ دُونَ خَلَّتِهِ وَحَاجَتِهِ وَمَسْكَنَتِهِ، فَجَعَلَ مُعَاوِيَةُ رَجُلاً عَلَى حَوَائجِ النَّاسِ) (٢).


(١) ـ صحيح البخاري: كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة: باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ. حديث رقم (٧٣٥٢) بلفظ (عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر).
أخرجه مسلم في الأقضية، وأبو داود في الأقضية، وابن ماجة في الأحكام، وأحمد في مسند المكثرين من الحصابة ومسند الشاميين.
(٢) سنن الترمذي: كتاب الأحكام: باب ما جاء في إمام الرعية. حديث رقم (١٣٣٢) بلفظ (حدّثني أبُو الْحَسَنِ قَالَ: قالَ عَمْرُو بْنِ مُرّةَ لِمُعَاوِيَةَ،: إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله يَقُولُ: مَا مِنْ إمَامٍ يُغْلِقُ بَابَهُ دُونَ ذَوي الْحَاجَةِ والخَلَّةِ وَالمَسْكَنَةِإلاَّ أغْلَقَ الله أبْوَابَ السَّمَاءِ دُونَ خَلَّتِهِ وَحَاجَتِهِ وَمَسْكَنَتِهِ، فَجَعَلَ مُعَاوِيَةُ رَجُلاً عَلَى حَوَائجِ النَّاسِ) صححه الألباني في صحيح في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم.
أخرجه مسند الشاميين.
معاني الألفاظ: الخلة: الحاجة والفقر.

<<  <  ج: ص:  >  >>