للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المروي عن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه مرفوعاً إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال (يُجْزِيءُ عن الْجَماعَةِ إِذَا مَرُّوا أَنْ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمْ، وَيُجْزِيءُ عن الْجُلُوسِ أَنْ يَرُدَّ أَحَدُهُمْ) (١) أخرجه الإمام أحمد والبيهقي كما في فتح الغفار ونسبة في الفتح الكبير في ضم الزيادة إلى الجامع الصغير إلى أبي داود رحمه الله وهو في الجزء الرابع من سنن أبي داوود -رضي الله عنه-، وأجاب عنهم أهل القول الثاني بأن الحديث صريح بالمقصود ولكنه ليس بصحيح من ناحية الإسناد لأن في سنده سعيد بن خالد الخزاعي المدلجي قال فيه أبو زرعة الرازي ضعيف وقال أبو حاتم ضعيف الحديث وقال البخاري فيه نظر وقال الدار قطني ليس بالقوي وقد ترجم له الخزرجي في الخلاصة ترجمة مختصرة تحكي تضعيفه لهذا الراوي، واحتج أهل القول الأول بالحديث المروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال (يُجْزِيءُ عن الْجَماعَةِ إِذَا مَرُّوا أَنْ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمْ، وَيُجْزِيءُ عن الْجُلُوسِ أَنْ يَرُدَّ أَحَدُهُمْ) (٢) أو كما قال والحديث قد ذكره السيوطي في الجامع الصغير واعترف بصحته الحافظ محمد ناصر الدين الألباني في صحيح الجامع الصغير وعزاه إلى أبي نعيم في الحلية والألباني متشدد في التصحيح، فإذا احتج بالحديث فهو صحيح عند غيره بالأولى والأحرى أما الحافظ السيوطي فهو متساهل في التصحيح إلى حد أنه رحمة الله ذكر في الجامع الصغير عدة أحاديث هي عند أهل الحديث من الأحاديث الموضوعة فضلاً عن أن تكون من الأحاديث الضعيفة، كما لا يخفى على من طالع الجامع الصغير مع مراجعة فيض القدير للحافظ المناوي رحمه الله، وبناء على هذا فالرد على السلام من أحد الجماعة المسلم عليهم كافٍ، هذا هو الذي أراه ولكل ناظراً نظره.

[تحريم عقوق الوالدين]

س: لي ولد واحد ربيته حتى أصبح رجلاً ثم زوجته وحينما كبرت في السن وعجزت عن العمل وكسب العيش وأصبت بمرض أقعدني في البيت لا حول لي ولا قوة انفصل ولدي عني مع زوجته وبقيت مع أمه في البيت عاجزين عن العمل مع ست بنات لا نجد من يساعدنا أو ينفق علينا وهو في بحبوحة من العيش، فهل يصح لي أن أحرر لزوجتي وصية من أملاكي مقابل أتعابها لأنها هي التي تخدمني بكل إخلاص ووفاء؟

جـ: حكم هذا الولد إن صح ما جاء في الاستفتاء بأنه عاق لوالده أو لوالديه وعقوق الوالدين من أكبر الكبائر كما ورد في الحديث الصحيح المروي في الصحيحين بلفظ (أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ: أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ، قَالَ: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ) (٣) وحديث (ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَبَائِرَ أَوْ سُئِلَ عَنْ الْكَبَائِرِ فَقَالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَقَتْلُ


(١) سنن أبي داود: كتاب الأدب: باب ما جاء في رد واحد عن الجماعة. حديث رقم (٥٢٠٥) بلفظ (عن الْحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، قالَ: يُجْزِيءُ عن الْجَماعَةِ إِذَا مَرُّوا أَنْ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمْ، وَيُجْزِيءُ عن الْجُلُوسِ أَنْ يَرُدَّ أَحَدُهُمْ) صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم (٥٢١٠).
انفرد به أبو داود.
(٢) سنن أبي داود: سبق ذكره في هذا الباب من حديث الحسن بن علي -رضي الله عنه- برقم (٥٢٠٥).
(٣) - صحيح البخاري: كتاب الشهادات: باب ما قيل في شهادة الزور. حديث رقم (٢٤٦٠) بلفظ (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ: أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ، قَالَ: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ)
أخرجه مسلم في الايمان، والترمذي في الشهادات، وأحمد في أول مسند البصريين.
معاني الألفاظ: الزور: الكذب والباطل.
وفي صحيح البخاري: كتاب الأدب: باب عقوق الوالدين من الكبائر. حديث رقم (٥٥٢٠) بلفظ (حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَبَائِرَ أَوْ سُئِلَ عَنْ الْكَبَائِرِ فَقَالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، فَقَالَ: أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ قَالَ: قَوْلُ الزُّورِ أَوْ قَالَ شَهَادَةُ الزُّورِ قَالَ شُعْبَةُ وَأَكْثَرُ ظَنِّي أَنَّهُ قَالَ شَهَادَةُ الزُّورِ).
أخرجه مسلم في الإيمان، والترمذي في البيوع عن رسول الله، تفسير القرآن عن رسول الله، والنسائي في تحريم الدم، والقسامة، … وأحمد في باقي مسند المكثرين.
أطراف الحديث: الأدب، الديات.

<<  <  ج: ص:  >  >>