للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتغلبوا على طبعهم بقوة إيمانهم وأصبحوا لا يشعرون بشيء من التعب لأن العزم فوق كل شيء، كما أصبحوا يمارسون أعمالهم الدينية والدنيوية كغيرهم ممن لم يكونوا يشربون الخمر قبل تحريمه لا يحسون بألم أو كسل لأن قوة الإيمان فوق كل شيء

(وإذا حلت الهداية قلباً … نشطت بالعبادة الأعضاء)

فمن كان ممارساً فعل معصية كبيرة معترفاً بأنها من كبائر الذنوب ويعتذر بأنه لا يستطيع أن يترك ما كان قد اعتاده وأنه قد حاول بكل ممكن أن يترك هذا الذنب ولكنه لم يستطع الصبر على تركه أو أنه لا يتمكن من عدم ممارسة شرب الخمر أو نحوه، فهو كذاب في زعمه أنه لا يستطيع تركه وعاص لله ولرسوله، ولو قد صح عزمه على التوبة الخالصة لقد ترك فعل المعصية ورجع إلى الله وعمل عملاً صالحاً غفر الله له به ما تقدم من ذنبه وقبل توبته، ولما احتاج أن يكلفك أن تسأل عن كيفية استطاعة الرجل التخلص من الوقوع في هذا الذنب العظيم، فكم من عاص عزم على التوبة إلى الله وترك كل شيء حرام كان يمارسه وأصبح من الصالحين في أقرب وقت ممكن ولم يكلف أحداً من الناس أن يسأل هذا السؤال، ولكن عليك أن تنصحه بأن يخلص النية لله وأن يعزم على التوبة النصوح ويندم على ما كان منه ويرجع إلى الله ليصبح من المغفور لهم ذنوبهم لأن التوبة تهدم ما قبلها من الذنوب ويكون له ثواب التائبين كما يكون لك ثواب الدال على الخير والمرشد إلى الحق لقوله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (١) وقوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} ولحديث (اللَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ سَقَطَ عَلَى بَعِيرِهِ وَقَدْ أَضَلَّهُ فِي أَرْضِ فَلَاةٍ) وفي لفظ (لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ أَحَدِكُمْ مِنْ رَجُلٍ بِأَرْضِ فَلَاةٍ دَوِيَّةٍ مَهْلَكَةٍ مَعَهُ رَاحِلَتُهُ، عَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ وَمَا يُصْلِحُهُ فَأَضَلَّهَا فَخَرَجَ فِي طَلَبِهَا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ قَالَ أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِي الَّذِي أَضْلَلْتُهَا فِيهِ فَأَمُوتُ فِيهِ، فَرَجَعَ إِلَى مَكَانِهِ فَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ فَاسْتَيْقَظَ فَإِذَا رَاحِلَتُهُ عِنْدَ رَأْسِهِ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ وَمَا يُصْلِحُهُ).

س: كيف تكون التوبة وما هي شروطها؟

جـ: التوبة: هي الندم على ما فات من المعاصي والعزم على عدم الرجوع إلى ذلك الذنب والرجوع إلى الله وكثرة الاستغفار والذكر وقراءة القرآن، وأما شروط التوبة إ ذا كان الذنب من المذنب إلى أخيه في دم أو عرض أو مال فلا بد أن يطلب العفو منه أو يسلم نفسه للقصاص إذا كان قاتل عمد إذا لم يرض الورثة بالدية أو بالعفو مجاناً، أو الدية إن كان قاتل خطأ ويسلم ما لديه من مال مغصوب أو منهوب أو مسروق إلى صاحبه إلا إذا عفى عنه غريمه برضائه واختياره، وهكذا إن كان قد استحل عرض أخيه بقذف فعليه أن يطلب العفو منه أو يسلم نفسه للحد إن كانت المسألة قد وصلت إلى القاضي الشرعي.

[وجوب استمرار التائب في طاعة الله]

س: لماذا أرجع الى التفكير في الذنب الماضي بعد أن تبت منه فإني خائفة على نفسي أن أقع فيه، ماذا أعمل؟

جـ: من تاب يجب عليه أن يستمر في طاعة الله ولا يتذ كر الماضي المؤسف.


(١) - التحريم: آية (٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>